جريدة الأخبار – الأربعاء 30 أغسطس  2006
قطار قليوب وعبارة السلام

فى فبراير الماضى غرقت العبارة السلام 98 وعليها 1416 شخصا وفى الاسبوع الماضى وقع حادث قطار قليوب وراح ضحيه له 56 قتيل و 143 جريح . ولا يكاد اسبوع من شهر فبراير الماضى الى هذا الاسبوع إلا وتقع العشرات من المصريين والاجانب فى اتوبيسات سياحية أو فى سيارات نقل أو سيارات خاصة أو اجرة … ويتبادر للذهن اسئلة منها هل العيب فيمن يقود المركبة (يسوقه) ؟ أم العيب فى المركية (وسيلة النقل) ذاتها ؟ سواء كانت سيارة أو اتوبيس أو قطار أو عبارة … الخ ؟ أم العيب فى الطريق ؟ أم العيب فى قواعد ونظم المرور والتحكم ؟ أم العيب فى غياب سياسات وخطة قومية فاعلة للنقل ؟ أم ان العيب فى كل هذه العناصر ؟ أم ان العيب فى منظومة النقل المصرية ؟ أم ان العيب فى حياتنا المعاصرة وبما فيها من انفلات وتسيب وتفكك ؟ هل الحادث هو نقص موارد مالية فقط ؟ لمحترفى اللعبة السياسية ومبتدئيها فان اسهل " الشماعات " هو التعلل بنقص الموارد المادية . وقد يكون هذا احد العوامل ولكن اختلف تماما مع كل من يدعى انه العامل الواحيد أو انه اهم العوامل . فى نظرى المال هو اخر اهم العوامل . واذكر كل من ينتمى لهذه المدرسة " بمدرسة حرب اكتوبر " والتى كدنا ننساها – أو نتناساها – لو كانت الامكانات المادية هى اهم العناصر لكانت أرض مصر محتله للآن … لقد اثبتت مصر وقيادات القوات المسلحة آنذاك وجنودها انه بالفكر والعلم ، وبالارادة والعزيمة ، وبالتدريب والتأهيل … وبالتحديث والصيانه ، وبالجدية والعمل يتحقق الانتصار ومعجزات النجاح … واقول لمن يدعى بعدم توفر المال بأن ما انفق على قطاعات النقل والمواصلات هو حسب أحد التقارير التى اعدت للعرض على السيد رئيس الجمهورية تمثل اكبر واضخم استثمارات قطاعية فى الخمسة وعشرون عاما الماضية … لقد تطور – دون شك – النقل ولكن هل استخدمنا مواردنا افضل استخدام ؟ هل استفاد بها الشعب ؟ هل نهض النقل اقتصاديا بالمجتمع واجتماعيا بالفقراء ؟ قبل المال تأتى الرؤيه والفكر والعلم والاطار والنظم والمعلومات والتدريب والتأهيل اهم العوامل على الاطلاق هو العلم والخبره … كم وزير نقل لدينا فى الخمسين عاما الماضية يعلم بأصول علوم تخطيط النقل واقتصاديات النقل وسلامة الطرق … الخ . لدينا فى مصر قمم علمية وعملية فى النقل والمواصلات والطرق والكبارى فهل يستفاد منهم ؟ … من منهم يعمل مع الوزراء مثلما كان يحدث فى السبعينات . اذكركم – وسأذكرهم باستمرار – بالاستاذ الجليل محمد عبد الرحمن الهوارى والذى نال تقدير العالم ومصر من خلال مدرسة عملية وعلمية تبناها فى اواخر السبعينات . واعتقد ان بقى منها اساتذة وعلماء اجلاء بجامعات القاهرة وعين شمس والاسكندرية … هل سألتم هؤلاء . هل سألتم الاستاذ الدكتور/ الهوارى وغيره من الاساتذة كيف تصلحون من الانهيار الذى صاحب النقل فى مصر … لدى المصريين الحلول والعلم – ونحن نحتاج للاجانب للاسترشاد فقط – فاسألوا علماء مصر … لقد رأيت وشاركت فى اواخر السبعينات مع الدكتور/الهوارى فى وضع خطة قومية للنقل فى مصر عمل بها اكثر من300 خبير ومع اكبر الجامعات الامريكية الـMIT واستمر العمل عدة اعوام … وكان هناك تلاحم كامل آنذاك بين العلم والتطبيق … قبل التصريح بشراء قاطرات نريد عرض كامل عن حالة وخطة واطار منظومه النقل المصرية على المجتمع . ضعف الامكانات ليس عذرا لتهميش العلم . نريد عرض خطة النقل على المجتمع لمناقشاتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وسلامة وامانا … قبل صرف هذه الاموال اجمعوا من يفهم فى النقل لتتناقشوا فى كيفيه توظيف كل جنية افضل استخدام لتحقيق افضل خدمة آمنه تحقق اعظم اقتصاديات للنقل فى واقعنا المصرى … فما هى الدروس المستفادة من الحوادث المتتالية ؟ … وللحديث بقية