جريدة الأخبار – الأربعاء 23 أغسطس  2006
تساؤلات تكنولوجية (3) : القادة والقيادة

استعرضت فى المقالات الاخيرة تحدى التنمية بصورة عامة والاسراع بالتنمية بصورة اخص ، وتحديدا على دور التنمية التكنولوجية فى تحقيق قيمة مضافه اكبر لكافة قطاعات المجتمع وللوطن والمواطنين . والتكنولوجيا التى اقصدها هى عن تكنولوجيا المعلومات ، وتكنولوجيا الزراعة وتكنولوجيا الطاقة ، وتكنولوجيا المواد ، وتكنولوجيا الصناعة ، وتكنولوجيا البناء والتشييد ، والمياة وغيرها من كافة القطاعات . وتسائلت واتسائل ويتسائل معى المجتمع عن درجة الرضا لدينا بالعمق العلمى والبحثى والتقنى لمصر . لن اذكر امثلة بالولايات المتحدة أو كندا أو اوروبا أو اليابان – ويحق لى ان افعل ذلك – اذا رغبت أن اطمئن على مستقبل ابناؤنا فى المدى القريب والمتوسط وحتى منتصف القرن الحالى . ولكن سأتسائل هل نحن حققنا فى الخمسين والثلاثين عاما الماضية تقدما مثل الصين ؟ أو الهند ؟ أو ماليزيا ؟ أو كوريا ؟ أو سنغافورا ؟ أو البرازيل ؟ أو باكستان ؟ أو ايران (فى ابحاث الطاقة) ؟ أو اسرائيل ؟ . لدينا فى كل فترة من يدعو ، ومن يسعى , ومن يحارب للتقدم العلمى والتقنى . ولكن هل نحن كمجتمع خلال القرن الماضى استطعنا تحقيق النقله النوعية الحقيقيه التى تتناسب مع طاقاتنا ، وتتوائم مع طموحاتنا ، وتليق باحلام المواطنين فى رفاهية العيش ، ودوام التقدم ؟ مجتمعنا يستورد اكثر ما يصدر ، ويستهلك اكثر ما ينتج ، وينقل اكثر ما يخترع … الثروة والقوة ترتكز على العمق العلمى والتقنى للوطن وللمجتمع ولقطاعات المجمتع واهمها (1) قوات الدفاع والامن (وهم اساس الاستقرار وضمان السلام) و (2) الصناعة (وهى اساس التقدم) و (3) الغذاء و (4) المياة و (5) الطاقة و (6) الخدمات … الخ . ما هو الميزان التجارى التقنى لمصر (ما نصدره وما نستورده من تكنولوجيا) ؟ ركيزة التقدم هى التقنية واساس التقنية هو العلم ، ورايه العلم يرفعها ويصونها العلماء . الثروة هى اما تهب أو تصنع … وبقائها فى الحالتين هو علم وصيانة . ترى هل لدينا من الثروات الطبيعية (مثلا) مثل البترول أو الذهب أو اليورانيوم ما يمكن الاعتماد عليه كمصدر رئيسى لتحقيق التنمية والتقدم . اذا كانت الاجابة بـ لا فليس لنا بديل غير العمل والعلم والتطوير والتقدم والتنافس . السؤال الذى يطرح نفسه هل لدينا عدد كافى من القادة المصريين القادرين على تحقيقه نقله نوعية لمصر للعشرين والثلاثين والخمسين عاما القادمة ؟ الاجابة الدقيقة على تساؤلى هو " لا " . ما يوجد لدينا من علماء لا يتناسب مع احتياجات مصر وتحديات التنمية وطموحات التقدم . وعلى سبيل المثال والمقارنة فإن : (1) المنصرف على البحث العلمى (كنسبه من اجمالى الناتج المحلى) المتوسط العالمى هو 4.2% ، وهو 3.4% فى السويد ، 1.5% فى اسرائيل أما فى مصر فهو اقل من ربع فى المائة بمعنى أن المتوسط العالمى (بما فيه دول افريقيا) ينفق 12 ضعف ما تنقفه مصر . (2) عدد براءات الاختراع (لكل مليون مواطن) فى المتوسط عالميا هو 62 وفى اليابان هو 852 وفى السويد 317 وفى امريكا 302 وفى مصر هو 2 أى أن المتوسط العالمى هو ثلاثون ضعف ما هو فى مصر . (3) عدد الباحثين (لكل مليون) فى المتوسط العالمى هو 1146 وفى ايسلندا هو 6592 وفى اليابان هو 5085 وفى امريكا هو 4526 وفى اسرائيل هو 1570 أما فى مصر فهو 88 بمعنى ان اسرائيل (اكثرهم تواضعا) 18 ضعف مصر . ماذا يجب ان نفعل كى نصل الى مستوى الدول الاخرى ؟ ، اولا : يجب ان نسير ونجرى بنفس سرعتهم . وثانيا : يجب ان نعمل على تعويض الفجوات السابقة . وفى هذا أرى ضرورة ايفاد 1000 مبعوث سنويا (على الاقل) للحصول على درجة الدكتوراه فى افضل عشرة جامعات فى كل تخصص على مستوى العالم … اين نحن من بناء العلماء وما يجب ان نفعله بهم عند عودتهم ؟ … العلماء هو قادة المستقبل ، وبدونهم لا توجد قيادة علمية ، ودون قيادة علمية لا توجد قيادة ، ودون قيادة لا توجد تنمية وتقدم متواصل او نوعى لكل افراد المجتمع خاصة الفقراء والأكثر احتياجا فيه … ورحم الله عالمنا الجليل الدكتور/احمد مستجير … وللحديث بقية