جريدة الأخبار – الأربعاء 8 فبراير  2006
الكتاب المفقود ... للعبارة " السلام 98"

كيف نتعامل مع الكوارث والأزمات؟ هل ممكن تجنبها؟ وما هو الفرق بين الكارثة والأزمة. عشنا أحداث متتابعة شبه يومية خلال الأسبوع الماضي تابعنا فيها بكل آلم وحزن وأسف: (1) غرق العبارة "السلام 98" في البحر الأحمر والتي كان عليها 1416 شخصا، (2) إنقلاب أوتوبيس سياحي وهو في طريقه من الغردقة الي الأقصر يقل 44 سائحا، (3) حادث تصادم سيارة نقل وأتوبيس خاص يقل 45 شخصا وإنقلابه بالترعة. بالإضافة الي عشرات الحوادث علي الطرق المختلفة ... وتذكر المصريين حوادث الغرق المختلفة لعبارات مختلفة ثلاثة منها لنفس الشركة المالكة ومنها حادث العبارة السلام 98 (الجمعة 3 فبراير 2006)، حادث العبارة السلام 95 (عام 2002)، حادث العبارة السلام 90 (عام 2001)، حادث غرق العبارة سالم، حادث العبارة القمر السعودي (عام 1994)، وحادث العبارة سالم اكسبريس (عام 1991). ومع التسليم بالقضاء والقدر ومع التسليم بالكوارث الطبيعية ومنها المائية إلا إنه من الواضح والمقارن أن معدل الحوادث وحجمها في مصر أكبر من المعدلات التي تحدث في غيرها من العالم. وقد حضرني في هذا الحادث ما حدث للباخرة تايتنيك في عام 1912 وراح ضحيتها 1523 راكب. والفرق بين ما حدث زمنيا يزيد علي 94 عاما تقدمت فيه علوم البحار وتقنيات البحار وعالم التأمين والسلامة للنقل عموما وللنقل البحري خاصة. والنقل علم وتقنية وممارسة. وأساتذة النقل وخبراءه في مصر والعالم قادرون علي المشاركة في بناء وتطوير صناعة للنقل أكثر أمانا وأكثر إحتراما وتقديرا لحياة الإنسان خاصة البسطاء من هذا المجتمع ... من منا يذكر أسماء ضحايا العبارات من أبناء مصر في حوادث التسعينات وحتي الجمعة المشئوم؟ إن أباء وأمهات وأبناء وأخوات الضحايا يذكرونهم في كل يوم وكل ساعة ... وفي عام 1977 اشتركت مع الأستاذ والعالم القدير محمد عبد الرحمن الهواري أستاذ تخطيط النقل بجامعة القاهرة في فريق عمل كبير من أساتذة النقل في مصر بجامعة القاهرة وعين شمس وهيئة تخطيط مشروعات النقل ومعهد التخطيط والتنمية التكنولوجي ثم مع عمالقة النقل في العالم في الـ MIT منذ عام 1979 ... ودخلت إلي آفاق وعمق وتفاصيل النقل ... وكان للدكتور الهواري ومدرسته – ومنهم قمم مصرية معاصرة للآن وغير مشاركة – أثرا في تحقيق نقلة نوعية للنقل لسنوات عديدة. إلا أنني رأيت في أواخر الثمانينات والتسعينات تلاشي الترابط والتلاحم للمدرسة العلمية التطبيقية للنقل مع إدارة هذا القطاع الهام. وتتابعت الحوادث من قطار الصعيد إلي العبارة السلام 98، ومن عبور طريق إلي إنقلاب في ترع ومصارف وادي النيل. في نظري أن الكتاب والقواعد المرتبطة بأمن المركبات وتأمين النقل إما غائب أو غير مطبق أو كلاهما. وفي هذا أيضا دور هام للحكومة ولقطاع النقل الخاص والعام والمواطن. والنقل طريق ملائم له نقطة بداية (ركوب) ونقطة للنهاية (الوصول) ترتبط بشبكة النقل، ووسيلة نقل سيارة أو قطار أو عبارة، وسائق لوسيلة النقل وركات أو بضائع (تمثل ما ينقل)، وطاقة من وقود وكهرباء، وإقتصاديات للنقل (إيرادات ومصروفات)، وقواعد ونظم عمل هامة تحدد: (1) صلاحية وسيلة النقل ودرجة الآمان للمركبة، (2) أهلية سائق وقائد المركبة علي القيادة، (3) قواعد قيادة المركبة علي الطرق، (4) الإلتزامات الواجبة لإستخدام المركبة ولقيادتها، (5) ما يجب عمله إذا تعرضت لحادثة، (6) وسائل الإنذار والإنقاذ والنجاة وتعليمات إستخدامها، (7) الترخيص للمركبة والسائق، (8) التفتيش وعناصره، (9) الوسائل والعلامات الإرشادية للطرق والمركبات وشبكات الإتصالات والمرور والإنضباط والأفراد، (10) أجهزة الإنقاذ والتدخل السريع للحوادث والإسعافات وغيرها. هناك عشرات العناصر التي تمثل قواعد ودليل النقل وكتب عمل قواعد لمنظومة النقل ومؤسساته. نحن نحتاج أيضا لإنضباط ذاتي لقيادة السيارات وكافة وسائل النقل، هناك أمية حقيقية لكثير من السائقين وقادة وسائل النقل الذين يتسببون في حوادث لهم ولأبرياء من الضحايا المتكررة ونريد سائقين يحترمون حارة القيادة ويعطون إشارة للخروج مها لآخري ويحترمون السرعة القصوي داخل وخارج المدن ... حوادث أتوبيسات هذا الأسبوع هي نتاج تهور وسرعة وطيش سائقين ... فهل سيتم الإعداد الجدي لكتاب جديد وقواعد علمية وعملية لتحقيق الأمن والآمان للمواطن المصري بخدمة متميزة ومؤمنة وفي مقدرته وفي إطار إقتصاديات وتجارب العالم ... وهل سيتم إلتزام السائق والمشغل، والراكب والمنظم للنقل في وطننا بهذه القواعد ... أغلي ما لدينا هي حياة الإنسان ... فلنطبق العلم والإنضباط للنقل في مجتمعنا ... والبقاء لله ... وللحديث بقية.


  475
ارسل بالبريد الالكتروني
طباعة
المقالات من الأحدث إلى الأقدم المقالات من الأقدم إلى الأحدث
جريدة الأخبار – الأربعاء 25 يناير  2006
الكتاب المفقود والقواعد الغائبة
المصريون في حيرة ... مرة نتباعد عن رجال الأعمال ومرة نصنع من نراه من رجال، ومرة نزج برجال الأعمال في السجون، ومرة نأتي برجال أعمال ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 1 فبراير  2006
الكتاب المفقود والقواعد الغائبة (2)
عصر المعلومات يستند إلي أولا: بنية تكنولوجية للحاسبات والإتصالات وغيرها، ثانيا: بشر قادر علي إستيعاب وإستخدام التكنولوجيا، وثالثا ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 8 فبراير  2006
الكتاب المفقود ... للعبارة " السلام 98"
كيف نتعامل مع الكوارث والأزمات؟ هل ممكن تجنبها؟ وما هو الفرق بين الكارثة والأزمة. عشنا أحداث متتابعة شبه يومية خلال الأسبوع الم ...
 صفحة:  1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 التالية>>
بحث جميع المقالات
2015
2014
2013
2012
2011
2010
2009
2008
2007
2006
2005
2004
2003
2002
2001
 
الموقع الرسمي للدكتور هشام الشريف
جميع الحقوق محفوظة ©