جريدة الأخبار – الأربعاء 1 فبراير  2006
الكتاب المفقود والقواعد الغائبة (2)

عصر المعلومات يستند إلي أولا: بنية تكنولوجية للحاسبات والإتصالات وغيرها، ثانيا: بشر قادر علي إستيعاب وإستخدام التكنولوجيا، وثالثا: قواعد بيانات وأرشيف رقمي ينتج من تحول ما هو ورقي – آليا – إلي رقميا أي داخل ذاكرة جهاز حاسب، ورابعا: نظم للميكنة الآلية للتعامل مع ما هو مخزن آليا وفق منهج وقواعد وبإسلوب عملي وعلمي محدود وهو ترجمة لخصائص المؤسسة أو العمل (ويلزمه كتاب وقواعد) للتعامل مع البيانات ولتحقيق الإحتياجات، وخامسا: المعلومات التي يتم إستخدامها بتشغيل البيانات وفق هذه النظم، وسادسا: السياسات اللازمة لعمل البشر لإستخدام تقنيات المعلومات في هذا الواقع. وموضوعنا هو الكتاب والقواعد أو الـ Manual (البند رابعا). والسؤال المطروح علينا جميعا قبل إستخدام الحاسب والإنترنت وغيرهم، أين الكتاب والقواعد في كل عمل وفي كل مكان حولنا وهو المحدد للنجاح أو الفشل في العمل والأداء؟ ومثلا كم مرة تدخل جهة أو مصلحة وتري إجراءات واضحة لأداء مصلحتك وكم مرة نحتاج لواسطة ووسطاء؟ إذا كانت إجراءات العمل واضحة فهذا يعني أن لدي المؤسسة مرجع وكتاب وقواعد واضحة وإذا كانت غير موجودة فهذا يعني أن الكتاب مفقود والقواعد غائبة ... وكلما زادت الدول تقدما كلما حددت مؤسساتها بدقة ما يجب عمله وخطواته وأسلوبه في كل مؤسسة من مؤسسات المجتمع سواء كانت حكومية أم خاصة أم أهلية. وكلما إزدات المجتمعات تخلفا كلما اختفت الكتب والقواعد والإجراءات المرتبطة بها. ولنتخيل مثلا العالم والشركات دون أسس المحاسبة والقواعد المحاسبية الدقيقة لها والأسس الدولية التي يتم الأن الإصرار علي إتباعها... ويقصد بذلك أسس المراجعة المالية والتدقيق والتقييم لعمل وأداء الشركات والمؤسسات والتي نستطيع وبإستخدام ما يشبه مسطرة وأدوات قياس واحدة تعرف تفاصيل ما يجري داخل كل مؤسسة وشركة وعلاقاتها مع ما يجري خارجها من تعاملات وقروض وغيرها. وتحديدا دخلها ومصروفاتها وأرباحها ... وسؤال كم مؤسسة وشركة لديها نظم معلومات مالية حديثة؟ وسؤال فني أدق كم منها يتبع الأسس الدولية للتصنيف والمراجعة ... وبالمثل يمكن تعميم هذه الأسئلة لكل نشاط في داخل المؤسسة من إدارة وتشغيل وإنتاج وتسويق وغيرها. لكل نشاط كتب وقواعد فإذا حددت فإنه يمكن بعد ذلك إستخدام التقنية وتوظيفها للإسراع بإنجاز العمل ولرفع مؤشرات أداؤه وتطوير إنتاجيته. ما نتحدث عنه هو أسس تصميم وتشغيل ومتابعة للبناء الإداري والمؤسسي للمجتمع، مثل تصميم وتصنيع الساعة بها نسيطر علي الزمن وبدونها يضيع الزمن ويغيب العمل. وسؤال يطرح نفسه لماذا برع السويسريون في تصميم وتصنيع الساعات؟ وهل يمكن للمصريين تصميم وتصنيع نظم المعلومات الفاعلة ... دون التصميم يغيب عنا إحدي أهم مكونات نظم المعلومات. ولا يمكن التصميم دون أسس وقواعد ... فأين الكتاب وما هي القواعد؟ سؤال يجب علي كل منا طرحه في كل موقع عمل وإلا تصبح التقنية مظاهرة للتقدم وليست قاطرات للتنمية.

والكتاب والقواعد إما موجودة أو غير موجودة. فهل لدي كل منا كتاب وقواعد داخل مؤسسته؟ أشرت في حديثي الأسبوع الماضي علي أهمية توفر الكتاب المحدث دائما والقواعد للتعامل مع ما يحدث وما يجد من أمور وكان المثال في ذلك تحديدا مرتبط بأحدي قضايا المجتمع السياسية والإقتصادية. ولكن هناك آلاف الأمثلة علي مستوي ما نتعامل معه يوميا في كل موقع خدمي أو إنتاجي، خاص أم عام، أهلي أم إقتصادي ... فما هو المنهج الملائم هل نبدأ من قمة المجتمع أم نبدأ بأنفسنا في كل إدارة وفي كل مؤسسة أم نبدأ بالتزامن وفي الإتجاهين من القمة للقاعدة ومن القاعدة للقمة؟ نريد صحوة لأهمية إعادة هيكلة المؤسسة المصرية والمجتمع المصري، وليعرف كل فرد ومؤسسة (الحدود والواجبات) ... وهذا يتطلب مهندسو تصميم وعقول وسواعد لتنفيذ مؤسسات العصر الجديد ... ولن يبني مصر غير أبناؤها ... وللحديث بقية.


  485
ارسل بالبريد الالكتروني
طباعة
المقالات من الأحدث إلى الأقدم المقالات من الأقدم إلى الأحدث
جريدة الأخبار – الأربعاء 25 يناير  2006
الكتاب المفقود والقواعد الغائبة
المصريون في حيرة ... مرة نتباعد عن رجال الأعمال ومرة نصنع من نراه من رجال، ومرة نزج برجال الأعمال في السجون، ومرة نأتي برجال أعمال ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 1 فبراير  2006
الكتاب المفقود والقواعد الغائبة (2)
عصر المعلومات يستند إلي أولا: بنية تكنولوجية للحاسبات والإتصالات وغيرها، ثانيا: بشر قادر علي إستيعاب وإستخدام التكنولوجيا، وثالثا ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 8 فبراير  2006
الكتاب المفقود ... للعبارة " السلام 98"
كيف نتعامل مع الكوارث والأزمات؟ هل ممكن تجنبها؟ وما هو الفرق بين الكارثة والأزمة. عشنا أحداث متتابعة شبه يومية خلال الأسبوع الم ...
 صفحة:  1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 التالية>>
بحث جميع المقالات
2015
2014
2013
2012
2011
2010
2009
2008
2007
2006
2005
2004
2003
2002
2001
 
الموقع الرسمي للدكتور هشام الشريف
جميع الحقوق محفوظة ©