جريدة الأخبار – الأربعاء 27 سبتمبر
2006 الطاقة النووية والقدرة المصرية
كنت خلال رحلة العمر والعمل احد المؤمنين لاهمية توظيف والاستخدام السلمى للطاقة النووية كمصدر رئيسى للطاقة وبديل أهم استراتيجيا واقتصاديا . بل وقمت بطرح الموضوع ومناقشته مع عدد من المسئولين فى الثمانينات والتسعينات . وكان القاسم المشترك الاعظم فى كل هذه الاحاديث هو الاقتناع الكامل والتوافق فى الرأى والاهمية والضرورة سواء كانت القيادة سياسية أم تنفيذية أم علمية ولكن كان الاجماع ان القرار السياسى لمصر لم يتخذ لتوازنات عديدة ترتبط بمصر وتنميتها وامنها القومى . واشبه توفر الطاقة وبدائلها بالمياة فكما انه لا يمكن الاستغناء عن المياة فلا يمكن الاستغناء عن الطاقة . وقد احسنت مصر صنعا حين بدأت اخيرا فى مصارحه المجتمع بالمعلومات وبالشفافيه وبالارقام عن التكلفة الحقيقيه للطاقة وعن استخداماتها . ونحن لسنا دولة مبتدئه فى توظيف واستخدام الطاقة فلدينا عبر اجيال اقطاب ومؤسسات قامت وتقوم بادارة واستخدام وتوفير الطاقة لكل قطاعات المجتمع … واقربهم الى المواطن هو الاستهلاك المنزلى للكهرباء ويذكر من تعدى الخمسين عاما ان الكهرباء اصبحت متاحه دون انقطاع يذكر مقارنة بما كان الحال فى الستينيات والسبعينات من القرن الماضى … ما حدث هو بناء واستثمار ضخم لتوفير الكهرباء للمواطن وللاسرة نأخذها كمسلمات فى الحياة العصريه ولكنها تتكلف مليارات الدولارات لتوفيرها بهذه الجودة للمجتمع . وانا شاهد على عصور بتميز مؤسسات وقيادات لقطاع الكهرباء معاصرة وسابقة … وبنفس الدرجة تم ويتم توفير الكهرباء للمصانع بل لمدن صناعية فى انحاء مصر . والتساؤل كيف يتم توفير الطاقة لهذه المصانع من كهرباء وغاز … معظمها من بترول مصر مصر وغاز مصر وبعضها من مصادر اخرى لتوليد الطاقة مثل المياة (السد العالى) أو ما يسمى الطاقة المتجددة … ومع الزيادة الكبيرة فى اسعار البترول عالميا وتبنى اقتصاديات السوق الحر اصبحت القيادات التنفيذية والسياسية تحت ضغط مزدوج (كمعظم الوقت) بين تحقيق الاستقرار وعدم احداث قلاقل فى المجتمع وشركاته ومصانعه وبين التعامل بأسس اقتصاديات السوق وتحرير اسعار الطاقة … أو دراسة البدائل الاقتصادية للطاقة والظروف السياسية المتغيرة اقليميا وعالميا … اتخذت مصر قرار تفعيل الدخول الى استخدام الطاقة النوويه … واحسنت مصر (رئيسا وحكومة) اتخاذ القرار واحسن الحزب الوطنى التوصيه والاقتراح بأن يكون التوجه الى الطاقة النوويه … هذا قرار ستبقى نتائجه للاجيال القادمة وسيؤثر عائده على تنمية مصر .
ومع تأييدى الكامل لقرار الخيار لبدائل الطاقة النوويه (السلميه) لبناء الوطن وتنميته ورخاء اجياله المتعاقبه ، فإننا نواجه كمجتمع راشد باسئلة لتحديات جوهرية اهمها توفر القدرة العلمية والمؤسسيه اللازمة للاعداد وتصميم وبناء وادارة وتنفيذ وصيانة وتطوير محطات الطاقة النووية وما يرتبط بها من ابحاث علميه وقدرات ادارية … واذا كنا نتحدث على التنافسيه للصادرات المصرية والتنافسيه للمجتمع فيجب أن نكون ايضا هناك تنافسيه فى علماؤنا وشبابنا وطاقاتنا ؟ وماذا يقومون بانتاجه علميا ؟ وماذا يقومون بترجمته من هذا العلم الى تقدم علمى ؟ ومع الاحترام لعدد ما هو متاح فكلنا نعلم بأننا نحتاج كما ونوعا المئات ولما كان الدخول الحقيقى فى انتاج الطاقة يتطلب فترة لا يقل عن عشرة سنوات فإن من الاهمية بمكان ان يكون لدينا بداية الف عام وباحث وفنى ومدير وقادة فى هذا المجال … اهم عنصر فى بناء الطاقة النوويه هو بناء القدرة البشرية … وللحديث بقية