جريدة الأخبار – الأربعاء 7 يونيو  2006
المعلومات بين النكسة والنصر

نتعلم من التاريخ … لدينا من الدروس المستفادة عبر التاريخ ما يمكن أن يجنبنا العديد من المشاكل والنكسات والفشل. والمعلومات هي أساس النجاح وعدم إستخدام المعلومات هو الفشل بعينه. ومعظم بيوت مصر تعيش حاليا امتحانات المدارس والجامعات لأبنائنا. فهل من الطبيعي أن ينجح أحدهم دون أن يذاكر ويستعد؟ المذاكرة معلومات وإستخدامها الجيد والمدرك هو نجاح ، وعدم المذاكرة للكتب المتاحة ولقواعد البحث وشرح المعلمين لأسس المعرفة هو تجاهل للمعلومات اللازمة للنجاح وتوجه الي الفشل والخسارة. وبالمثل إستخدام المعلومات لمؤسساتنا بداية النجاح وتوظيف المعلومات (1) لزيادة الإنتاجية (الإدارية والصناعية والخدمية) و(2) لزيادة الكفاءة والفاعلية و(3) لإتخاذ القرار و(4) لتحقيق وإدارة المنافسة هو أساس لتحقيق النجاح وعدم إستخدام المعلومات هو الفشل. أما علي مستوي الوطن فإن لدينا من الدروس المستفادة في نصف قرن ما يؤكد لنا هذه الحقائق ولنتذكر نكسة 67 حين صدرت البيانات الغير صحيحة أثناء القتال مع العدو ضل الشعب ، وإنتكست الأمة وضاع الجيش. وحين إستخدمت المعلومات ، في مسيرة الصمود والبناء إلي حرب أكتوبر 73 ، ووظفت بمهارة وإحتراف وإدارة متميزة ، إنتصر جيش مصر وولدت أمة وفرح شعب … صدقت البيانات وتحقق إنتصار … وأهم من ذلك غرست جذور الثقة من جديد لأمة كانت قد غيبت معلوماتيا وضاعت بالبيانات الكاذبة.

وعبر أكثر من نصف قرن أيضا انتكست مصر مرات عديدة وفي محن كثيرة إقتصادية وإجتماعية كان سببها الأساسي في نظري غياب المعلومات (سواء كان ذلك بقصد أو بدون قصد) وكان يمكننا التغلب علي العديد من الأزمات لو توفرت (1) المعلومات ، (2) أسس وقواعد إستخدامها ونشرها بل لو توفر أيضا ، (3) الكتاب أو النظام الذي يتم تطبيقه وإستخدامه في كل جوانب الحياة. من هذه الأمثلة المثال الأول ديون مصر حين توفرت المعلومات والقيادة والقرار وإدارة المعلومات خفضت مصر ديونها الخارجية من 44.6 مليار دولار إلي 29.4 مليار دولار ووضعت أساس بدء الإصلاح الإقتصادي الحقيقي في التسعينات وكان غياب المعلومات وفوضي الإقتراض وغياب السياسات هم السبب في وقوع مصر في ديونها0تري هل تم ويتم إدارة الديون الداخلية بنفس الحكمة والدقة والشفافية والوضوح والحزم؟ ومثل آخر هو الإصلاح الإقتصادي (الأول) كان أحد أسباب نجاحه الرئيسية هو توفر المعلومات في عهد د/عاطف صدقي (رحمه الله) … وكان تغييب المعلومات – رغم توفرها – هو أحد أسباب نكستنا الإقتصادية بعد ذلك ودخولنا في مشروعات كبري يتشكك المجتمع في جودتها الإقتصادية وفي توفر دراسات لها … البعض يقول لا توجد دراسات ولا معلومات والبعض الأخر يؤكد وجودها. أين المعلومات الحقيقية؟ والمثال الثالث ما حدث أخيرا في البورصة المصرية يشير إلي أهمية توفر المعلومات وتبسيطها ونشرها للعامة فهل يعقل أن تتأثر أكثر من مليون أسرة وتضيع ثرواتها بهذه النكسة بأمية معلومات. المثال الرابع هو من الضرائب ويعد مثلا ناجحا للسياسات الضريبية الجديدة كان أحد أسبابه السياسة الرشيدة والمصداقية ، وتبسيط المعلومات وتوصيلها للمواطن والمتعامل وبناء ثقة معه عن طريق التليفزيون والصحافة. والمثال الخامس فرص العمل حيث يتساءل الشعب أين نحن في مصر مع توفير الـ750 آلف فرصة عمل هذا العام؟ وكيف يصل الخريجون إلي فرصة العمل … هل هناك من يعرض بالمعلومات الدقيقة الصورة علي مستوي الوطن شهريا وعلي مستوي كل مصنع وشركة. عدم وجود المعلومات عن فرص العمل تسبب إنتكاسة في تحقيق الهدف الأهم لكل المصريين … كيف يمكن أن نري ونبني وننمي دون معلومات لكل المصريين … دون نشرالمعلومات بتكافؤ لن يحدث تقدم … ولكن سيزداد من يملكها غني وتسلط وسيزداد من لا يملكها فقرا وشقاءا … الفرق بين توفر المعلومات وغيابها هو الفرق بين النماء والفقر ، وبين الرخاء والشقاء ، وبين النجاح والفشل ، وبين النصر والنكسة.