جريدة الأخبار – الأربعاء 30 يناير  2005
فقراء افريقيا بين داكار ودافوس

دعيت لالقاء كلمة رئيسية للمؤتمر السنوى لشبكة التنمية العالمية بداكار والذى عقد من قبل فى ألمانيا واليابان واستضافته مصر منذ عامين تحت رعاية السيدة الفاضلة سوزان مبارك وهو تجمع لعقول الاقتصاد والتنمية فى مراكز البحث والمعرفة والتنمية فى العالم ، وافتتح المؤتمر الاثنين الماضى رئيس السنغال ورئيس الجمهورية المكسيكى السابق وبدأ اللقاء بكلمة متميزة لرئيس السنغال يتحدث فيها لأقطاب الاقتصاد فى العالم وأفريقيا عن تحديات أفريقيا للتنمية وشمل ذلك التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل خاصة للفقراء وفى القرى وعن ديون أفريقيا وعن الايدز فى أفريقيا وعن البيئة وعن الزراعة وعن مشكلة الجراد التى واجهت السنغال وكان ممكنا القضاء عليها بمليونى دولار إلا أن التأخر فى علاجها سبب خسارة تكلفت 150 مليون دولار وتحولت لكارثة للسنغال ثم لشمال أفريقيا ولدول أخرى عديدة منها مصر وعن مشاركة المرأة وعن تعليم الأجيال الجديدة لأبناء القارة وعن الديموقراطية والاصلاح والحكومة … وكان حديثا من القلب والعقل وبالمسئولية والمعرفة … ودعا رئيس السنغال قيادات البحث والمعرفة لوضع المعرفة والبحث والمعلومات لحل مشاكل السنغال والقارة الأفريقية … وعن ضرورة التغلب على الفجوة بين البحث تطبيقا وعن التنمية تنفيذا .. وأشار – ذكرنى هذا بكل القيادات الصادقة – الى أن الفجوة ليست الموارد التى يدعى أنها محدودة ولكنها لا تمثل عقبة حقيقية اذا توافر البحث فى الوقت المناسب وليس متأخرا كما حدث مع مشكلة الجراد … وتلى ذلك الرئيس المكسيكى السابق والذى أكد مرة أخرى على أهداف التنمية الألفية وعلى ما أعد من برامج يجب تطبيقها على مستوى كل دولة … وكانت صدمة الافتتاح حيث وقف الأستاذ ريتشارد كوبر وهو أحد علماء الاقتصاد فى العالم من جامعة هارفارد والذى أشار الى أن العالم حقق معجزة فى أدائه المتميز فى الخمسين عاما الماضية حيث نما الناتج المحلى الاجمالى بـ 2% سنويا وهو نمو غير مسبوق … وقد أثار هذا اندهاش الحاضرين عن أى عالم يتحدث عنه الأستاذ كوبر!! وقمت بعد ذلك باستعراض مؤشرات العالمين المتقدم والنامى والتباين بينهما – سبق أن كتبت عنها – وللتذكرة فهى تشمل : (1) أن متوسط دخل الفرد والذى يصل الى 27854 دولارا فى العالم المتقدم و 1690 دولارا فى أفريقيا (2) متوسط العمر للفرد فى دول الثمانى الكبرى والذى يصل الى 77 سنة بينما لا يتجاوز 48 سنة فى أفريقيا (3) نسبة من يصلهم مياه نظيفة فى انجلترا 100% بينما لا يتجاوز 45% فى أفريقيا (4) يصل اجمالى ما يصرف على الخدمات الصحية لكل فرد فى العام فى كندا الى 2534 دولارا بينما لا يتجاوز ما يصرف فى مالى على الفرد فى العام عن دولار واحد فقط لكل الخدمات الصحية (5) عدد الأطفال الذين يموتون تحت سنة 5 سنوات كل عام يصل الى أربعة ونصف مليون طفل (6) يصل عدد الأفراد لكل طبيب فى ايطاليا طبيب لكل 169 فردا بينما هى فى مالاوى تصل الى طبيب لكل خمسين ألف مواطن (7) عد المصابين بالايدز فى العالم المتقدم لا يتجاوز مليونا ونصف مليون مصاب بينما يصل الى 28 مليون مصاب فى أفريقيا (8) نصف أفريقيا تقريبا تعيش على أقل من دولار واحد فى اليوم ولا يوجد فرد يعيش على أقل من دولار فى اليوم فى الدول الغنية (9) متوسط عدد الوفيات بين الأطفال من 5 سنوات لكل 1000 طفل فى الدول الثمانى الكبرى هو 6 فى الألف بينما يصل فى أفريقيا الى 174 فى الألف (10) عدد السيارات لكل 1000 يصل الى 561 فى الولايات المتحدة بينما هو 14 لكل ألف فرد فى أفريقيا (11) الدعم للمزارعين فى الدول الغربية يصل الى 311 بليون دولار بينما يصل اجمالى المعونة من الدول الثمانى لأفريقيا الى 13 بليون دولار .. وتساءلت عن أى عالم يتحدث أستاذ هارفارد الكبير وذكرت أننى حين كنت أعيش ببوسطن كنت أرى عالما وحين عدت الى بلادى وأفريقيا أرى عالما آخر … وتابعت ما يحدث فى دافوس وأحاديث الرئيس شيراك وكلينتون وبيل جيتس ورئيس جنوب أفريقيا ونيجيريا عن الفقراء والفقر والايدز وموت الأطفال الرضع … وأتساءل هل آن الأوان لأن يقوم عمالقة البحث والفكر بالتركيز والتلاحم والخروج من حجرات وقاعات الفكر وملتقيات الصفوة الى حل قضايا الفقراء على أرض الواقع وتوفير كوب مياه نظيفة ، ومدرسة تعلم ، وعيادة تشفى ، ومصل يقى من الأمراض ، وفرصة عمل تنتج ، ومعلومات تفتح آفاقا لتحقيق عدالة وفرصة التقدم لكل أبناء المجتمع … بفكر وبحث ومعلومات … وللحديث بقية