جريدة الأخبار – الأربعاء 25 مايو  2005
الديموقراطية وحق الاختيار (4)

القرار التاريخى بدعوة المصريين لتغيير مادة فى الدستور واحقيتهم فى اختيار حاكمهم هو نافذة كبيرة لعصر جديد من الحرية والديموقراطية علينا أن نعد له – بالمعلومات والمعرفة – هو ايضا نقلة نوعية لنقلات تدريجية – هادئة فى معظمها – فى مراحل تغيير مستمرة لمسيرة الديموقراطية والحرية لمصر والمصريين . لقد عاش اهل مصر عبر تاريخهم مسيرين – وليسوا مخيرين – يحلمون بالديموقراطية منذ تناقلتها التجارب والمراجع واصبحت احاديث صالونات المثقفين والنخبه لما يجب أن يكون من جهة ومن جهة اخرى عناوين للخطاب السياسى ورجال الحكم والحكومات عبر العصور … القرار ببساطة هو نهاية عصر وبداية عصر جديد … هو نقلة جوهرية أو نوعية كما ذكرت للاختيار الحر للمواطن المصرى سيتبعها نقلات اخرى فى العلاقة بين الحاكم والمحكوم وايضا فى العلاقة بين القواعد المحددة للعلاقة بين المواطن ومن يتحكم فى اقداره وهى الحكومة وومثلوها مركزيا ولا مركزيا القرار ببساطة هو نهاية لمفهوم وفكر الفراعنة والذى شاع فى المجتمع المصرى عبر الزمن وعبر العصور فناظر الزراعة كان ينظر له " فرعون " وناظر محطة القطار " فرعون " وعامل السنترال وموظف الكهرباء " فرعون " ومدير المديرية " فرعون " والمحافظ " فرعون " والوزير " فرعون ولدى مساعد لى ورفيق عمر من عام 1978 اسمه " ناصر وهبه " هو فرعون صغير ايضا وكل من لديه سلطة على عباد الله من ابناء مصر فى معظمهم فراعنة … والحقيقة انهم اباء وابناء من هذا الشعب الطيب … ما يغيب عنا هو الاختيار وتحديد للمسئوليات والواجبات والاختصاصات واسلوب المحاسبة على الاداء وعلى الانجاز على كل مستوى .

سيسجل ان الرئيس محمد حسنى مبارك قاد بداية ترسيخ الديمقراطية الاختيار للمجتمع المصرى لمرحلة جديدة سبقتها مراحل وستتلوها مراحل اخرى ، والتصور الدقيق لى انه ليس المقصود بها انتخابا لرئيس للجمهورية أو الانتخابات القادمة ولكن المقصود بها كل ما تشمله العلاقة بين المواطن والحكم . والحكم ومؤسسات الاعمال بحيث يحدث التحول الى حكومات معبرة عن الشعب ووزراء ومحافظين وقيادات عامة خادمين له وليسوا متحكمين فى ارزاقه بل ومحققين لآماله وطموحاته بنتائج محددة . بالطبع هناك امثلة لقيادات متميزة عبر تاريخنا وهناك امثلة اخرى اضرت بالديموقراطية . القرار يعنى ايضا بداية عصر جديد يكون للحاكم ونظام الحكم خادمين قولا وفعلا لهاذ المجتمع – بكل مستوياته وفئاته – يحملون شرف المسئولية ويحاسبون عليها .

هذا الاطار الديموقراطى والسياسى الجديد يتطلب معلومات ومعرفة ووضوحا وشفافيه توضح اسس الاختيار بل كيفية واساليب صياغة المناخ وسياسات اقتصادية حاكمة متمثلا فى مفهوم السوق الحر فلا معنى للخيار الديموقراطى اذا لم يكن هناك مناخ سياسى واقتصادى شفاف وواضح ومسئول ويعمل بالاصول والا سيقتصر تطبيقه لمصالح نخبه منتقاه يخصص لها ما يريده البعض دون الكل أو دون أن يتحقــق عمومية التنافــس المتكافئ لكل القادرين فى المجتمع . فيمنح البعض ويحرم البعض الاخر ، وتضيع الفرصة المتكافئة بين ابناء المجتمع الواحد ، ويضيع الاحساس بالعدل والتكافؤ والعدالة لا يوجد نظام اقتصادى نصف حر ولا نظام سياسى نصف حر كما انتهى عصر النظم غير الحرة ؟

لقد فتح الرئيس محمد حسنى مبارك بوابة الامل فى الاختيار والتغيير والعدالة والتكافؤ لاول مرة … ولكن هناك الكثير من العمل امامنا لتحقيق درجات اعلى من الديموقراطية والتقدم والتنمية فى رحلة المجتمع المصرى المستمرة لهذا التقدم المنشود والتى يجب ان ترتكز على العلم والمعرفة والمعلومات تبدأ كتحديد دقيق لشخصية مصر ووصف ادق لمصر المنشودة حاضرا ومستقبلا وعقد برنامج لاستكمال مسيرة (1) الاصلاح السياسى ، (2) والاصلاح الاقتصادى ، (3) والاصلاح الاجتماعى . فنعم ، تغيير المادة 76 والمادة 192 مكرر ، ونعم لتغيير الدستور تاليا لذلك ، ونعم للاختيار المباشر الديموقراطى لمن يحكم مصر رئيسا بل وفريقا ونعم حق المواطن فى الانتخاب الحر لاختيار من لديه فى مجلس محلى أو نيابى أو برلمانى ونعم الى تطوير الادارة العامة للمجتمع ونعم للاستقرار ونعم للعقلانية والحوار المتكافئ ونعم للمشاركة ولا للشغب والارهاب والغوغائية والتسلط والتربح ولا لمقاطعة الانتخابات … سيقول المصريون كلمتهم فى تغيير المادة 76 من الدستور وهو نقلة نوعية لعصر جديد وعهد جديد مشرقا بإذن الله سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمانا وامنا ورشدا … وللحديث بقية