جريدة الأخبار – الأربعاء 9 يناير  2005
ادارة الكوارث والازمات (2)

الحمد لله أننا نسبيا فى خارج نطاق الكوارث الطبيعية والزلازل الكبيرة ، والسؤال الرئيسى هل من الممكن افتراض أنه لن تحدث لنا أزمة على الاطلاق؟ بمشيئة الله لن تحدث أزمة ، وان حدثت فكيف نتجنبها أو نخفف من آثارها؟ … العلم وفر لنا اجابات عديدة ، والتجارب والأزمات – تاريخيا – علمتنا الكثير … وقد عشت أدعو – وسأستمر – فى التسلح بالعلم تطبيقا لادارة شئوننا فى الحياة على المستوى العام كمجتمع أو على مستوى مؤسسات هذا المجتمع (حكومة أو قطاع أعمال أو مجتمع مدنى) أو حتى على المستوى الشخصى … وبكل دقة لقد ثبت أن الاستعداد لادارة الأزمات هو عمل ومسئولية على عاتقنا جميعا لادارة أفضل لمؤسساتنا ومجتمعنا وعالمنا ، ولكن كيف ندير الأزمة؟ هل عشوائيا عند حدوثها؟ أم نستعد لها؟ بالطبع يجب الاستعداد الجيد للأزمات .

وتزداد أهمية ادارة الأزمات اذا ما احتمل تأثيرها على المجتمع … وقد يمتد ذلك الى الأزمات الاقتصادية أو الاجتماعية … خصائص الأزمات والكوارث أنها: (1) تحدث فجائيا وبسرعة كبيرة (Urgent) ، متعددة الأبعاد ومتداخلة فى عناصرها (Multidimensional) ، (3) حادة وقاسية (Critical) ، (4) ديناميكية ومتغيرة سريعا ، (5) لا تتوفر المعلومات الكاملة عنها بسرعة ، (6) غير محددة وغير معروفة (Unstructured) ، (7) لا تتكرر بمعدلات كبيرة ، (8) لا يمكن السيطرة عليها بسهولة وسرعة … وبناء واستخدام مراكز الأزمات هو أمر حيوى قوميا ومؤسسيا … فما هى عناصره ؟ .

أولا : التنظيم ويشمل القيادة والادارة والفريق … وهنا تكون أهمية القيادات المتخصصة فى طبيعة أزمات بعينها فادارة أزمة مثل السيطرة على سعر العملات الحرة لا يكون مثل توفير وتوزيع رغيف الخبز أو مثل مرض أو وباء مفاجىء أو التهاب الأسعار أو الفتنة الدينية أو الأرهاب أو التطرف أو البطالة وفرص العمل أو حتى الأزمات السياسية المختلفة الداخلية والخارجية … ثانيا : الادارة لكل نوع من هذه الأزمات لخصوصيتها ، فعلى الرغم من أن الادارة (كعلم) توفر اطارا عاما لكيفية التخطيط والمتابعة والقيادة والسيطرة إلا أن فنون الادارة وحنكتها تتضح من الممارسة ومن العمل الدورى ومن جودة الاستعداد لتعظيم العائد بمحدودية الامكانات وتحت الضغوط والقيود والتوازنات المحيطة (ولنذكر حرب أكتوبر المجيدة) … وهى تتطلب أيضا درجة عالية من ضبط النفس والانضباط وعدم الانفعال للتعامل الموضوعى والمتزن مع الموقف … وثالثا : النظام وهو كتاب وأسلوب معرفة لكيفية أداء العمل وبدونـه تصبح الادارة عشوائية وبه يصبح العمل وخطته وأسلوب تنفيذه محددا ومقاسا … ورابعا : البيانات والمعلومات المرتبطة بالأزمة وتوفرها أثناء الأزمة فى غاية الأهمية ويمنع الآثار السلبية عنها … وخامسا : التكنولوجيا وأهمها الاتصالات وأجهزة الرصد والتعامل السريع مع البيانات (الحاسبات) ومجتمعه لتوفير المعلومات السريعة لغرفة ادارة الأزمات … سادسا: الاعلام والتواصل مع المجتمع المحيط والمتعايش بالأزمة .

وقد يتساءل القارىء معى عن مدى ما كان يمكن تجنبه اذا توافرت معلومات أسرع وأدق لكل الأماكن المتضررة قبل وبعد زلزال سومطرة وطوفان تسونامى ؟ … والسؤال الذى يطرح نفسه عن ما هى الأزمات المتوقعة وكيفية التعامل معها؟ فهل مثلا لدينا استعدادا للتعامل مع الحريق فى كل محافظة من محافظات مصر أم أن أى حريق يحدث فى معظمه – وللأسف – يتسبب فى خسائر شاملة وكاملة … وهل يمكن تجنب آثار الحرائق؟ لقد اكتشفنا واذكر أن اكتشف الأستاذ الفاضل د/ عاطف صدقى رئيس مجلس الوزراء حينما حدث حريق مركز المعلومات ودعم القرار ضعف جهاز الاطفاء الوطنى آنذاك وأنه لولا الاستعانة فوريا بالقوات المسلحة وأجهزة الاطفاء القوية وتدخل قيادة السيد المشير / حسين طنطاوى آنذاك ومعه لتسبب ذلك فى حريق كبير بمجلس الوزراء والمنطقة المحيطة بها ولقلب القاهرة ورأيت أمامى عددا من المحافظين آنذاك يوصفون الحالة المؤسفة لما كانت عليه المطافىء فى محافظات مصر ورأيته يأخذ القرارات الفورية لتوفير التمويل لسيارات ومعدات الاطفاء وهذا جزء من منظومة شملت تطوير البشر والتدريب والادارة ودرجة الاستعداد لجهاز الاطفاء … وهذا مثال لرد الفعل لحدث … وهنا عشرات الموضوعات لأزمات يجب ادارتها بغرض تجنب وتحجيم آثارها … البعض قصورا يعتبره نكدا وتشاؤما ، والبعض الآخر يعتبره علما وادارة أفضل لحياة – للأسف رضينا أم لم نرض – بها أيضا الأزمات بالاضافة الى ما نعيشه بفضل الله … وللحديث بقية