جريدة الأخبار – الأربعاء 24 مارس  2002
صناع وصناعة التقدم

القادة يصنعون التقدم وصناعة القادة هي اهم صناعات المجتمعات التي عزمت علي التقدم .. فمثلا قامت الهند قبل منتصغف القرن الماضي بوضع رؤية للتصنيع والتقدم ملائمة لتلك الفترة وكان اهم مكوناتها بناء كليات وجامعات تناظر ما هو موجود في الولايات المتحدة مثل هارفارد وال MIT وغيرها.. وبدأ فعلا بناء و تنفيذ انشاء هذه الجامعات والمعاهد ومنها الأدارة بأحمد أباد وهو نموذج لجامعة هارفارد بالهند وكذا عدة معاهد للادارة والتكنولوجيا ببانجلور وكلكتا ومومبالي ودلهيي وغيرها وقد قاد هذا الفكر والعمل رموز من الصناعة والمجتمع المدني بالاضافة الي تشجيع الحكومة والتعاون مع البيروقيراطية وكان أحد هذه الرموز مكرم ساراباي وهو صناعي بارز لصناعات مثل النسيج والبرنامج النووي وكذا اعداد القيادات الادارية والصناعية والسيد / تاتا وغيرهم.

وقد أتيح لي بناء علي تكليف من د. عاطف عبيد في عام 1986 وإقتراح من د. جورج قنواتي وهو أحد القيادات المصرية الرفيعة في منظمة العمل الدولية في ذلك الوقت زيارة ودراسة التجربة الهندية في إنشاء هذه المعاهد بالتفصيل.

وكانت رؤية الدكتور عاطف عبيد واضحة ومتميزة في ذلك الوقت وتركز علي ضرورة إنشاء معاهد للقادة تناظر ما هو في الهند الترابط وتلبي إحتياجات الصناعة والسياحة والتجارة وغيرها.

وقــد قامـــت ماليزيـــا منـــذ خمــــس سنـــوات بأنشـــــاء طريـــق التكنولوجيـــــا Multimedia corridoor واحدي ركائزه جامعة للتكنولوجيا بالتعاون مع الـ MIT ويقوم بالتدريس فيها اساتذه زائرون ووطنيون علي المستوي العالمي وتنقل بعض المناهج والتدريس بتقنيات التعليم عن بعد بأستخدام الانترنت او الاقمار الصناعية .. فيتاح للطالب المشاركة مع نظيره في جامعة الـ MIT في بعض المواد والبرامج الي يصرح لهم بها ويحصل في نهاية المدة علي شهادة من الكلية الماليزية . وانشئت الجامعة وهي ليست بغرض الربح لمجموعة من القطاع الخاص والمجتمع المدني وبتشجيع قوي وبدعم من الحكومة وبدأت الجامعة بدرجة الماجستير وبتحديد لمجالات التدريس المرتبطة ارتباطا مباشرا باحتياجات السوق .

وقد عشت وشاهدت عدة تجارب ومبادارات مصرية وأراها والحمد لله تقترب من بدء تحقيق الهدف الكبير ..فنري جمعية المستقبل تبني فكرة تشجيع انشاء نموذج عالمي للادارة يضاهي تميزا خريجي هارفارد او ستانفورد او الانسياد . ورايت يوم الاربعاء الماضي مبادرة لانشاء جامعه النيل للتكنولوجيا باحتضان حكومي ومن خلال انشاء مجموعه من قيادات المجتمع لها ومن خلال مؤسسه لاتهدف للربح . وجامعه النيل للتكنولوجيا هي باكوره للجامعات التكنولوجيه المصريه والتي تركز علي صفوه العقول ( وليس صفوه المال ) وبادرت حكومه د/ عاطف عبيد بتخصيص 300 فدان في مدينه 6 اكتوبر وبادر الدكتور احمد نظيف بتخصيص مبني ( للمرحله الاولي ) في مشارف القريه الذكيه . وقد عقد اول اجتماع تاسيس بدعوته بمقر وزاره الاتصالات وعرض فيه د/ مصطفي كامل اطار مقترح للجامعات والتخصصات للمرحله الاولي ومنها : الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات والألكترونيات والاتصالات واداره التكنولوجيا والتصميم والعلوم الحيويه وهندسه الطيران والفضاء والطاقه والبتروكيماويات وتكنولوجيا البيئه . وتحيه واجبه للحكومه لاصرارها الاستمرار في تحقيق حلم المصريين لانشاء جامعات للتميز والتكنولوجيا والاداره … لقد عاش المصريون امل انشاء جامعه تكنولوجيا كان اخرها حول العالم المصري د/ احمد زويل .

نريد لجامعه النيل والجامعه البريطانيه والفرنسية والالمانيه والامريكيه وغيرها بل لجامعاتنا العريقه القاهره وعين شمس والاسكندريه واسيوط وجنوب الوادي وقناه السويس وباقي الجامعات الاقليميه الدخول في السباق العالمي .

والتنافس لاخراج الصفوه .. وما نقصده هنا هو صفوه العقول دون أي تحيز اجتماعي او طبقي . التقدم يصنع بالمتميزين والتميز يصنع بمؤسسات تصنع التميز … تعليم وتطبيق ما هو متاح عالميا … نعم لدينا نيل مصر . هبة مصر … فلنصنع النيل الجديد … نهر الصفوه المريين وصفوه العرب ليقودوا صنع التقدم والتنميه مصريا وعربيا ولندخل كقاده ومشاركين ولسنا كتابعين في مجتمع المعلومات والمعرفه العالمي