جريدة الأخبار – الأربعاء 1 يوليو
2009 الدين العام ... الأزمة القادمة
وصل حجم الدين المحلى فى مصر الى 666 مليار جنية فى 30 يونيو 2008 وتجاوز حجم ما يصرف على فوائد خدمة الدين المحلى 71 مليار جنية ... وكان حجم الدين المحلى 124 مليار جنية فى عام 1994 والفوائد السنوية لخدمته لم تتجاوز 12 مليار جنية . والدين المحلى هو الأموال التى تقترضها الحكومة من الافراد والمؤسسات لمواجهة احوال طارئه ولتحقيق اهداف مختلفة وذلك عندما لا تكفى الايرادات العامة لتغطية النفقات العامة ، ويمكن أن يكون الدين العام فى شكل سندات غير قابلة للتداول ، أو اذونات خزانة ، أو سندات قابلة للتداول ... والدين المحلى هو المصدر الرئيسى لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة ، وأداة من ادوات السياسة المالية لادارة الاقتصاد القومى ، وهو بذلك يعتبر ظاهرة اقتصادية توجد فى جميع الدول وعلى مر قرون . وبالمقارنة فإن حجم الدين الخارجى فى عام 2008 وصل الى 31 مليار دولار وكان فى عام 1994 قد وصل الى 8ر29 مليار دولار وذلك بعد تحقيق النجاح الكبير لتخفيض الديون الخارجية المصرية – والتى وصلت فى ذلك الحين الى 6ر44 مليار دولار - فى اوائل التسعينات والذى كان ركيزة رئيسية لبرنامج الاصلاح الاقتصادى. وقصة نجاح تخفيض الديون الخارجية – كشاهد على عصر – يجب أن تكتب للسيد الرئيس حسنى مبارك والذى قاد تخفيض الديون المصرية والذى قام بتكليف فريق تنفيذى بقيادة الدكتور/عاطف صدقى والمجموعة الاقتصادية آنذاك والدبلوماسية المصرية فى واشنطن واوروبا والدول المانحه والبنك المركزى المصرى وفريق متفرغ فى مركز المعلومات ودعم القرار شرفت بالعمل معهم منهم د. معتصم قداح وشباب تفانى مع قيادات من البنك المركزى المصرى منهم الدكتور.صلاح حامد والاستاذ. سيد سنجر والاستاذ. البربرى ، والاستاذ. عزت ابو العز (رحمه الله) ... وأذكر فرحة مصر و د. عاطف صدقى و د. عاطف عبيد وكل فريق العمل الوطنى آنذاك حين تم بناء أول قاعدة بيانات لادارة الديون الخارجية بالبنك المركزى المصرى تم استخدامها لدعم القرار والتفاوض أولا فى اعادة جدولة الديون ثم ثانيا فى تخفيض الديون الخارجية ... وأذكر ويذكر زملاء معى انى أعددت مذكرة بشأن الاستفادة من دروس هذا النجاح فى ادارة والسيطرة على الدين العام لمصر والذى تجاوز فى ذلك الحين مائة مليار جنية كنا نعتبرها مقارنة بحجم الاقتصاد فى ذلك الحين كبيرة ... ولكن – رغم مباركة د. عاطف صدقى – فإن نشوة النجاح فى تخفيض الديون الخارجية وانطلاقة برنامج الاصلاح الاقتصادى بعد ولادة عثرة آنذاك غطت على اصوات استكمال الاصلاح الموضوعى لركائز الاقتصاد المصرى والتى تستغرق جهدا كبيرا عادة لا تصنع عناوين للاعلام وأحداها الدين العام ... وقد سمعت السيد وزير المالية د.يوسف بطرس غالى معلنا بمجلس الشعب بالوصول الى حد الخطر فى أن ايرادات مصر اقل من مصروفاتها بـ 94 مليار جنية . ومن جهة اخرى وصلنى تقرير صادر من مكتب وزير المالية عن اثر تطور حجم الدين المحلى الحكومى على الموازنة العامة للدولة وسبل تقليل اعبائه ... ويشير التقرير – بالنص - الى "أن الجزء الأكبر من اجمالى الدين العام الحكومة يستخدم فى تمويل العجز النقدى وعجز الموازنة العامة للدولة ، وليس فى تمويل الاستثمارات حيث بلغت النسبة المستخدمة فى تمويل العجز النقدى وعجز الموازنة العامة للدولة 7ر59% ، بينما بلغت النسبة المستخدمة لتمويل الاستثمارات العامة 5ر33% أما النسبة المتبقية وهى 8ر6% فقد تم استخدامها فى تمويل عجز بعض الهيئات ، وذلك لا يساعد فى زيادة معدلات النمو الاقتصادى ويعد عبئا على الاقتصاد القومى . وفى النهاية يمكن القول ان الصورة الرقمية السابقة تكشف الى حد كبير خلل هيكل الانفاق العام والتهام خدمة الدين العام المحلى والاجنبى لربع حجم الانفاق فى الموازنة بما يعنيه ذلك من تداعيات وآثار سلبية على بنود الانفاق الاخرى"... فماذا سنفعل لمواجهة الخلل الذى يشير له التقرير ؟ . وللحديث بقية
Alakhbar@hisham-elsherif.com