جريدة الأخبار – الأربعاء 8 أغسطس  2007
تمكين الفقراء ... والمأوى

مطلوب " شقة للايجار" تتناسب مع متوسط دخل المواطن المصرى ...! هل يمكن ان يكـون هذا هدف قومى ؟ لقد عشت طفولة أرى فيها يافطة " شقة للايجار " وشبيت ورأيت تحولات جوهرية مع سياسات مستحدثة على المجتمع ادت الى ظاهرة " خلو الرجل " ثم تداعيات لانهيار سوق العرض والطلب وتدخل الدولة بصورة سافرة لتحل محل العلاقات الآمنه والمستقرة عبر عشرات السنوات بين صاحب الملك والمستأجر، واستحداث من السياسات والقوانين ما هو فيه تحيز لفئة على اخرى فعشنا فى فترة الستينيات تحيزا للمستأجر على حساب المالك . فعزف المالك على البناء وعجزت الدولة على الوفاء بما يحتاجه الزيادة الطبيعية المطلوبة لاسكان للمجتمع ... ثم تلى ذلك استعداد لحرب اكتوبر المجيدة حيث وجهت معظم امكانات مصر لتحصين مصر بناء وتجهيز بنيه اساسيه للحرب من دشم وخنادق وهناجر ومطارات ثم بعد النصر المجيد اعادة بناء مدن المواجهه واعادة تسكين ما تم تهجيرهم فى عام 1967 .. ثم الانفتاح ومحاولة اعادة بناء بنيه عصريه للاسكان بادوات بعضها اشتراكى التوجه والاخر رأسمالى الطموح ... الى ظاهرة التمليك . ان فترة اعادة بناء مصر فى الاسكان والتعمير والتى شاهدت بناء مدن جديدة صناعية انتجت مثل العاشر من رمضان والسادات و6 اكتوبر وبرج العرب وغيرها وطرق واسكان وسيكتب ان الثمانينات والتسعينات من هذا العصر لمبارك انه اعاد بناء مصر وفى هذة الفترة تحولت مصر من دولة 20 مليون نسمة فى اوائل الخمسينات الى 40 مليون نسمة فى اوائل الثمانينات الى حاليا ما يصل الى 75 مليون نسمة منهم 15 مليون على الاقل من الفقراء (ويرى البعض فى تقارير لجهات تعمل مع وزارات مصرية ان عدد الفقراء يتجاوز 40%) ... لكل فقير ولكل عائلة فقيرة مطلب يومى هو المأوى ... فقد يمكن الاحساس بالحرمان فى مجالات كثيرة ولكن لا يمكن ان يستطيع التجاوز عن المأوى ... ومع الفشل للدولة فى ايجاد مسكن لكل المصريين توجه الفقراء الى اولا : بيت الاهل المحدود والضيق ليزداد التكدس وتزداد التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وثانيا : المقابر فرأينا ظاهرة استخدامها كمأوى للاسرة الفقيرة وللاجيال المتعاقبه ثم الى المناطق العشوائية وهى ظاهرة تستشرى فى مصر فى الخمسين عاما الماضية ... ترى هل يمكن ان نتقدم دون خريطة كاملة للاسكان والتعمير لمصر ؟ ليس فقط للـ 5 سنوات القادمة والعشر سنوات بل للـ 50 عاما القادمة ؟ ... الحل الجذرى لقضية الاسكان يتطلب اولا : خريطة لمصر " الجديدة " هى مصر الرخاء والنماء واللا فقر وقد يتطلب ذلك " مائة مدينة جديدة تماما " او اكثر تلبى احتياجات مصر المائة مليون نسمة وليس الـ 75 مليون نسمة فقط ، وثانيا : خريطة للواقع بعشوائياته وسياساته ، وثالثا : تحديد دقيق لاحتياجات الفقراء فى كل مكان فى مصر ...، ورابعا : تشغيل لآليات السوق لتحقيق الاتزان بين العرض والطلب ، وخامسا : حماية للفقراء ضد الجشع والاستغلال ، وسادسا : تشجيع التجارب الرائدة والتى نرى بعضها على أرض مصر . واتسائل كيف لشاب من اسرة فقيرة فى سوهاج او كفر الشيخ ان يحصل على مكان يسكن فيه ويكمل نصف دينه ؟ وكم يتكلف ؟ وهل يستطيع هذا الشاب ان يسدد ايجار الوحدة أو مقدم التملك . وهل يمكن تغطية احتياجات مجموع الشباب . هناك مبادرات رائعة مثل مشروع مبارك لاسكان الشباب وجمعية المستقبل للاسكان قامت بمبادرات للتصدى لجزء من هذه القضية القومية تمثل فى حد ذاتها نموذجا للمشاركة ولكن عبء القضية يقع على الدولة فى صياغة السياسات والبرامج والمشروعات التى يمكن عمليا ان تحل مشكلة الاسكان للفقراء خاصة بدلا من زيادة حدتها ... وبفرض خمسة افراد للعائلة فقراء مصر يحتاجون لثلاثة ملايين مأوى ، كم منهم يحتاج لمساكن اليوم ؟ وكم يحتاج لمسكن لاولاده لزواجهم غدا ؟ وكيف نمكنهم من مأوى لائق وادمى لسكنهم ؟... وللحديث بقية