جريدة الأخبار – الأربعاء 8 فبراير
2012 مصر بين الدماء ... "والمصالحة الوطنية"
أين " أم الدنيا" ؟ ... وهل مصر الآن "أم الدنيا" ؟ ... أم الدنيا لقب وشرف ومرتبه ودرجة لمجتمع هو أفضل من مجتمعات أخرى في مجالات عديدة مثل الأمن والآمان ، جودة الحيـاة ، مستوي المعيشة ، العلاقات الانسانية ، العدل والعدالة ، التقدم والحداثة ، التنوع والتراث ، سهولة ويسر الحياة ، التكافؤ والمحبة ، الابتسامة والمودة ، النقل والمواصلات ، فرص العمل والاستثمار ، البيئة والجمال ... أنهارت مصر كدولة وأمة وشعب في عام واحد بعد ثورة مجيدة ورائعة ... ما حدث في استاد بورسعيد وما يحدث الآن في الشوارع المحيطة لوزارة الداخلية هو إنزلاق سريع للدخول في النموذج العراقي ثم الإيراني للديمقراطية بدلا من النماذج المتحضرة للديمقراطية ... ما حدث في بورسعيد هو جريمة عرقية مع "سبق الاصرار والترصد" ... ثار لها المصريون وصدم لها العالم وغلت لها الإنسانية ... ومما لاشك فيه أن ما حدث في بورسعيد هو مسلسل متلاحق لاحداث دامية في 400 يوم – تمت بفعل فاعل لازال مجهول - بدأت بكنيسة القديسين واقتحام السجون 28 يناير ومهاجمة اقسام الشرطة وموقعة الجمل والهجوم علي مقار أمن الدولة وحادث أطفيح الي ما تلاه من مسلسل دموي اجرامي لاحداث تتكرر علي أرض مصر الطاهرة "سابقا" والدموية حاليا والتي يتابعها أهل أم الدنيا سابقا وكان آخرها في ملعب رياضي ببورسعيد وفي الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية المسئولة عن الحفاظ علي أمن وآمان أم الدنيا ... من الذي يشجع علي القتل والدماء والهدم والتخريب ... من الذي يقتل ويغتال في "أم الدنيا" ؟؟ ... أين مصر وأيـن المصريون ؟ ... المشهد الحالي يشير الي اولا : غياب تام للقيادة ، ثانيا : انحسار كامل للحكمة والرشد ، ثالثا : رغبة مدمرة لكراسي السلطة لاشخاص وتيارات واحزاب ، رابعا : الرغبة الشرهة في الاستيلاء علي الوطن بأي ثمن ، خامسا : انقسام كامل بين ابناء الوطن وتيارات الوطن ، سادسا : ضياع هيبة الدولة ، سابعا : رغبة واصرار علي هدم ما بقي في الدولة المصرية خاصة الشرطة والجيش ، ثامنا : غياب كامل للمعلومات عن الشعب ، تاسعا : تباطؤ العدالة الناجزة ، عاشرا : تفتت الثوار ، حادي عشر: دعوات للعصيان المدني ولمزيد من التدمير والانتقام والغدر ، ثاني عشر: تدخلات اقليمية ودولية في انهيار مصر الحالي ، ثالث عشر : اعلام يساهم في تدمير وانقسام الوطن ، رابع عشر: برلمان ولد علي بحر من الدماء بواجهة ديمقراطية وجوهر دكتاتورية دينية ، وخامس عشر : تخبط ومزايـدات سياسية وفئوية برلمانية وحزبية ونقابية ، سادس عشر : اختلافات واتهامات تتزايد بين الوطنيين والتخوين والعمالة لآخرين ، سابع عشر : تيارات مدمرة للانتقام والغدر والانقسام ، ثامن عشر: شباب ضاع حلم ثورته تحول من العقل والبناء الي الحجارة والمولوتوف ، تاسع عشر : تربص وانقضاض لجمع الغنائم والمكاسب من مراكز القــوي الجديدة بأسم الدين تارة وبالابتزاز والسرقة والنهب تارة أخري ، عشرين : غياب للأمن والآمان وإنتشار الجريمة ، واحد وعشرين : انهيار اقتصادي كبيــر ، ثاني وعشرين : أمية وفقر وبطالة تزداد ، ثالث وعشرين : شعب – مغلوب علي أمره – يصارع الحياة ... وفي وسط هذا المشهد ضاعت "أم الدنيا" وضاع ويضيع "المصريون" ... واتساءل مثل كل مصري بل مثل كل إنسان متحضر يحب مصر التي نعرفها وليست التي نراها الآن ... اتساءل هــل يمكن أن تعود "أم الدنيا" لمصر مرة اخري ؟ هل يمكن أن يتم الدعوة لمبادرة "للمصالحة الوطنية" ؟ هل يمكن أن يعود كل مصري لكي يعمل ويبني ويزرع ويعلم ؟ هل يمكن أن نعيد المحبة الي ارض المحبة ؟ والابتسامة الي الاجيال الحزينة ؟ للأسف لا يمكننا اعادة من استشهد أو قتل غدرا أو عمدا ولكن هل يمكن أن نرسخ مفاهيم العدالة بدلا من الثأر ، والوحدة بدلا من القصاص ، والعقل بدلا من الجنون ... دعوة لكل من هو مصري ، ودعوة لكل من يزايد علي كل مصري ... دعــوة للمصالحة مــن أجل مصــر ... ولكي نبــدأ مسيرة التقدم والبناء ... فكيف تبدأ "المصالحة الوطنية " ؟