جريدة الأخبار – الأربعاء 6 مايو  2009
أزمة فى ادارة الأزمات

ادارة الازمة علم ومهارة وخبرة واعداد وفن . الازمات مثل الحرائق وسرعة اطفائها يتطلب رجال وعتاد ومعدات وتدريب ومهارة وخبرة وعلم وتوفيق من عند الله ... بالمثل ادارة الحرب وادارة ميدان المعركة وتحقيق النصر يتطلب التعمق بالعلوم العسكرية والتدريب المتواصل واكتساب المهارات الفنية والادارية والقتالية وتراكم الخبرة والمعدات الملائمة والمتطورة والفداء والتوكل على الله ... وبالمثل مواجهة الزلازل وغرق السفن والحوادث الكبرى والصغرى والكوارث المالية والاقتصادية والاجتماعية والاوبئه وغيرها ... ادارة الازمة يجب أن تعطى لمن يعلم ولمن هو قادر على ادارتها ... والركيزة الرئيسية لحل أى ازمة هو (1) تعريف الازمة (2) وتوفير المعلومات اللازمة لحلها (3) اتباع منهج علمى لحلها (4) اتباع اسلوب عملى فى هذا الحل (5) القيادة والسيطرة (6) تحديد كيفية التعامل مع المجتمع المحيط بالازمة (7) التعامل مع الاعلام (8) ضبط النفس (9) التعامل مع المتغيرات (10) السرعة (11) التفاضل بين البدائل (12) الكفاءة فى اتخاذ القرار ... الخ .

وما حدث من خلال الايام العشرة الاخيرة بكل المقاييس هو ازمة جديدة واضافة لسلسلة الازمات المتلاحقة التى يصاب بها العالم والمنطقة والوطن وكان اعنفها الازمة المالية والاقتصادية وكان آخرها "انفلونزا الخنازير" ... وهى ثانى ازمة خلال عامين تهدد الصحة للانسان فى مصر وفى غيرها من البلاد بعد انفلونزا الطيور. والمتتبع للاحداث والفضائيات يرى تعامل دول العالم ومنها مصر مع الاحداث ... وعلى رغم اختلاف الآراء فى اسلوب تناول الازمة فى مصر ، فإن الغالبية تجمع ان مصر قيادة وحكومة ومجالس تشريعية ونيابيه (ممثلة للشعب) واعلام قد تناول الازمة بمنتهى الجدية من الساعات الاولى لها ... وحسمت الحكومة فى اجتماعات اللجنة العليا لمتابعة "انفلونزا الخنازير" برئاسة السيد رئيس الوزراء ضرورة اتباع ما يلى أولاً : تكثيف إجراءات الترصد للمرض والحجر الصحى للقادمين من الدول التى تثبت وجود حالات وإصابة بها ، ثانيا : دعوة المواطنين الابتعاد عن أماكن التجمعات الكثيفة حتى لا ينتشر فيروس المرض نتيجة الاختلاط ، ثالثا : الاستمرار فى خطة ذبح الخنازير وتوفير طاقة التجميد اللازمة وذلك حتى يتم التخلص نهائياً من كافة قطعان الخنازير الموجودة حالياً ، وذلك لحين إقامة صناعة جديدة تتوافر فيها الاشتراطات الصحية ، رابعا : تكليف هيئة التخطيط العمرانى بوضع مخطط شامل لإنشاء المزارع النموذجية الجديدة بوادى الدباب بمحافظة حلوان ووضع التصميمات المتوافقة مع الاشتراطات البيئية والصحية مع العمل على إنشاء مجازر آلية مجاورة لمنطقة المزارع ، خامسا : توفير قطع الاراضى اللازمة لإنشاء وإقامة مصانع لتدوير القمامة بعد دراسة للجدوى البيئيه لها وتشجيع القطاع الخاص على هذه المشروعات ، سادسا: اعطاء الاولويه للعاملين فى مزارع تربية الخنازير بعد نقلهم للعمل فى مجالات وبيئه افضل صحيا ، سابعا : اصدار بيان اعلامى يومى من غرفة عمليات مجلس الوزراء لتوضيح الموقف العالمى للمرض وكذلك الموقف المصرى واجراءات الحد من دخول المرض للبلاد وذلك بهدف ضمان صحة المواطنين . واذا كان هذا ما اتخذته الدولة لحماية صحة المواطن فإنه على الجانب الآخر نرى أزمات مظاهرها ما يلى : (1) ثورة لدى كل من يقوم بتربية الخنازير باعتبارها مصدر الرزق الوحيد "لقمة العيش " للغالبية منهم ، والثروة للبعض منهم . (2) صدمة المجتمع من صورة القمامة والقذورات التى يعيش فيها جزء من المجتمع وتتربى عليها الخنازير . (3) تباين فى تشخيص المرض وارتباطه بالخنازير أم ارتباطه بالانسان . (4) اعلام أصفر يزايد على الازمة وهل القدرة على تهيج المجتمع بدلا من توحيده نحو الفكر العقلانى لادارة الازمة باتزان وحكمه . (5) تناقض فى البيانات والمعلومات على المستوى الدولى والمحلى . (6) جهود مضنيه لقطاعات كثيرة صحة وداخلية وزراعة ومحليات وطيران وموانئ لاحتواء الازمة يشك الغالبية بأن هذه الفرق تدربت على مواجهتها من قبل. (7) تباين اختلافات مع القرار بذبح الخنازير . (8) صراع لحماية مصر من دخول الوباء . (9) سباق مع الزمن للتوعية بأساليب الوقاية وتوفير متطلبات الكشف المبكر والعلاج . (10) صراع من اجل الحفاظ على هدوء واتزان المجتمع . (11) التوعية فى مجتمع تنتشر فيه القمامة وعدم النظافة والوعى بأساليب الوقاية ... ازمات متعددة تضاف للازمة الحقيقية ؟ فما هى الاصل وما هو الظواهر وما هى الأعراض ؟ وللحديث بقية Alakhbar@hisham-elsherif.com