جريدة الأخبار – الأربعاء 19 مارس  2008
معاناة المصريين ... وطوابير الخبز

الشعب المصرى يعانى ... فى طوابير المرور ، وفى طوابير الخبز ... فى غلاء الاسعار ومن ضيق الدخل ... فى العلاج الملائم ، وفى التعليم المناسب ... فى المسكن وفى المرافق ... وفى القدرة على مواجهه الاحتياجات الاساسية للانسان اليومية وللابناء فى تحقيق امالهم المشروعة ... حتى وصل الامر الى اختراع طوابير بطاقات التموين ... ما يحدث هو سخف واستهزاء بذكاء ومشاعر المصريين ، وهو نتيجة مباشرة لعدم كفاءة ادارة قطاعات متعددة فى الدولة ، وهو نتيجة لانفصام شديد بين عدد لا بأس به من الهواه الذين اضروا بالمواطن المصرى الى ان وصل به الامر الى ما عليه ... وهذا الاستخفاف وصل فى قضية الخبز الى محاولة تبرئه ذلك تارة بزيادة الاسعار العالمية وتارة اخرى باختلاف سعر الدعم عن سعر السوق وتارة ثالثة بضرورة فصل الانتاج عن التوزيع ... وكأن مصر والمصريين يعيشون ويدخلون حديثا لعصر انتاج وتوزيع واستهلاك وأكل رغيف الخبز ... فهل يعقل ان تكون هناك حكومة لا تتوقع ما قد يحدث فى زيادات الاسعار على المواطنين ، وهل يعقل أن تكون هناك حكومة ليس لديها سيناريوهات ماذا سيحدث للخبز والمواطن اذا وصل سعر القمح حتى الى الف دولار أو الف وخمسمائة دولار ... هل يعقل أن هناك حكومة لم تتوقع تأثير وصول سعر البترول الى مائة دولار للبرميل ومائة وخمسون دولار للبرميل ... وما تأثير ذلك على معيشة المواطن ومسكنه وانتقاله وحياته ... وثانيا : هل يعقل اننا مستجدين فى معرفة الفساد وان هناك تهرب وتسيب وسرقة نتيجة فرق السعر المدعم للدقيق المسلم للمخابز وسعره فى السوق ... ملفات ومحاضر الداخلية المصرية تشير عبر اكثر من مائة عام ان هناك دائما المتلاعبين فى الاسواق وفى المخابز وان هذا التلاعب يزداد حين تزداد الفرص لضعاف النفوس ... ونعلم ان يد الانضباط للحكومة المصرية قوية اذا ارادت ذلك ونعلم نحن المصريين ان لدينا جهاز قوى لتأمين وصول الخبز الى المواطن صباح وظهر وعصر كل يوم ... فمصر لم تولد بالامس ... ولا يصح ان تكون الشماعة هى التسيب ... التعامل مع التسيب هو الانضباط ... وثالثا : ولا يصح تصور أن الحل الوحيد هو شموليه فصل الانتاج عن التوزيع . ورابعا : لا يصح أن ننام نحن ابناء مصر القادرين ونحن نرى ابناء واهل لنا فى مصر يتصارعون على رغيف الخبز وينفجرون نتيجة الضغوط التى يعيشونها فى كل اتجاه ويصل بهم الامر الى التقاتل من اجل الحصول على رغيف الخبز ... هذه ليست مصر السماحة والمحبة والتراحم التى عرفتها والتى اعرفها ... فمن الذى يصنع ذلك هل المواطن أم هو الحكومة المسئولة على توفير السياسات اللازمة لمأكل ومشرب ومسكن وانتقـال وتعليم وعلاج وعمل وراحه وسعادة وهناء وتقدم هذا المواطن . وخامسا : لا يصح ان نرى الطوابير ونحن فى القرن العشرين وبعد ربع قرن من ادخال مصر لمسيرة وعصر المعلومات والتكنولوجيا ان نرى كل العلم والتكنولوجيا والعلماء والخبراء ... العلم تعامل مع مشاكل الطوابير فى المرور وامام المخابز وفى البنوك وفى المصالح الحكومية وفى وسائل النقل العام ... الخ . لا يصح ان نكون فى مصر مختلفين عن العالم ... وان نكون فى الخبز اشد المتخلفين . وسادسا : لا يصح ان نرى حجم رغيف الخبز يتقلص على مرأى ومسمع ومشاهدة المجتمع ... واصبح المواطن ضحيه لصاحب المخبز الذى يسرقه ... ومفتش التموين الذى لا يقوم بدوره ... ومديرية التموين العاجزة ... الخ . سابعا : لا يصح اننا نأخذ كل هذا الوقت لسماع بكاء المصريين ورؤيه دماء " شهداء الخبز " ... كتبت مقالة من ثلاثة اشهر اشير فيها الى توصيات لجنه السياسات بالحزب الوطنى للحكومة بسرعة التدخل لحل قضية الخبز ووعد الحكومة آنذاك بسبعة مليار جنية وانشاء الف وسبعمائة مخبز جديد بل واصلاح هيكلى تدريجى يضمن الاحتياجات اليومية ... الخ . وثامنا : لا يصح أن نرى صور الانفصام بين وزراء ومسئولين عما يحدث لاهل مصر ... وآخرين من المخلصين يصارعون المشكلة دون القدرة على حلها قوميا ...مطلوب حل قومى لظاهرة طوابير الخبز دون مزايدات ... وللحديث بقية