جريدة الأخبار – الأربعاء 27 فبراير  2008
المعاناة فى شوارع القاهرة (2)

هل تشعر بالسعادة خلال الانتقال داخل القاهرة ؟ ... اصبح الانتقال معاناة لمن يعيش فى القاهرة ... تحدياتنا فى النقل واضحة منها ، اولا : الزيادة الكبيرة فى عدد السكـــان مصر عامة والقاهرة خاصة والتى يقطنها ما يزيد عن 20% من السكان . وثانيا : معدل الزيادة السكانية الكبير نسبيا . ثالثا : غياب تخطيط النقل العلمى مدة عشرين سنة بالاسلوب الذى كنا نعرفه قبل ذلك أو متعارف عليها عالميا ، واصبحت القرارات تؤخذ اما سياسيا أو بيروقراطيا ... واخطر القرارات السياسية المؤثره على اختناق وازدحام الطريق المصرى هو مجموعة القرارات التى ادت الى مضاعفة حجم عدد السيارات فى شوارع القاهرة فى الاربعة سنوات الماضية دون ان يواكبها طرق لسير هذة السيارات أو اماكن للانتظار ... حتى فى الشوارع ... والمواطن المصرى يدرك ان هذة قرارات شعبية قصيرة الاجل وهى التى ادت الى هذا الاختناق وتوجيه جزء من ثروة المجتمع لشراء اصول (سيارات) لا يمكن ان تستخدم بالجدوى الاقتصادية المطلوبة أو بالرفاهية الاجتماعية المنشودة لفئات المجتمع واعتقد ان المصريين مثلهم مثل شعوب الدنيا المتحضرة فى حالة توفر بديل حضارى لائق للنقل العام مثل الدول المتقدمة النقل العام اكثر جدوى ... وستجنى الدولة الكثير فى توفير الطاقة والفاقد .. الخ . ورابعا : ادارة الطريق البيروقراطية ودون الأسس العلمية والتى يتحكم فيها أما المحليات وأما المرور مع الاخذ فى الاعتبار ان بعضهم يسعى لاستشارات علمية جزئية . وخامسا : أن تخطيط النقل والطرق والمرور – للاسف الشديد - عملية صعبه للغاية حيث من الممكن ان يؤثر تغيير اتجاه رحلة طريق على اختناق مدينة بالكامل ... وهذا ما لا يدركه إلا المتخصص والمسئول الواعى ... ونلاحظ العشوائية فى شبكة واتجاهات وادارة الطرق بالقاهرة . وسادسا : غياب التوائم بين التخطيط العملى للنقل وتلبيه التوسع فى احتياجات السكان من جهة اخرى ولحل هذا الموضوع يجب بناء قاعدة معلومات متكاملة عن النقل والانتقال داخل المدن وبين المدن الاخرى (وقد سبق لمصر عمل ذلك بتميز عالمى فى نهاية السبعينيات) ولشبكات الطرق ، ولنماذج علمية ورياضية واقتصادية تستخدم لحل هذة المشاكل . وسابعا : لم يتم – وهذه مشكلة تاريخية – التخطيط فى العلاقة بين العمل والتوطين والسكن ... ورغم تحقيق طفره فى المدن الصناعية الجديدة مثل السادس من اكتوبر والعاشر من رمضان إلا ان جزء كبير من هذة المدن يعتمد على القاهرة الكبرى فى السكان . وثامنا : عدم العناية بالطرق وصيانتها وازالة الاشغالات عليها سواء كانت هذة الاشغالات حكومية أو تعديات خاصة واصبح الطريق المصرى مثالا للفوضى ولكل شارع اشغالات خاصة به . وتاسعا : عدم العناية بالنقل العام وهو ركيزة الانتقال فى المجتمعات والدول المتحضره والمتقدمة لاقتصادياته وملائمته . عاشرا: غياب الفكر الاقتصادى عن منظومة النقل فى مصر فهل معقول ان نصل الى اهدار ما يزيد عن 20% من وقت العمل لكل مواطن . الشارع المصرى وصل الى حالة اختناق بسرعة تجاوزت ما كان يتوقعه المتخصص ... مطلوب التدخل الجاد للحكومة ولمجلس الوزراء الذى يجب ان يقوم بتعبئه عقول ومؤسسات وامكانات المجتمع لكل هذا الاختناق والانهيار حلا جذريا ... وليس من العدل الا يتم مواجهه هذه القضية الصعبه والتى تؤثر اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا وعصبيا على جموع المصريين ... انسداد شرايين المجتمع هى بداية لانهيارات كثيرة وانسيابها يساعد فى استثمار النجاحات الاخرى التى بدأت ... وللحديث بقية