جريدة الأخبار – الأربعاء 16 مايو
2007 تمكين الفقراء ... والتعليم (6)
العمل هو وسيلة الخروج من الفقر ... فهل لدى الفقراء " فرصة عمل" ؟ واذا وجدت هذة الفرصة هل للفقراء القدرة على ما يتطلبه هذا العمل ؟ اجابة السؤال الاول ترتبط بالتخطيط الواعى والسياسات الفاعلة وبتوفر الاستثمارات وتوجيهها وتوزيعها الجغرافى حيث يكون الاحتياج ، بينما اجابة السؤال الثانى ترتبط بتوعية وتعليم وتدريب الفقراء . ويوضح تقرير العقد الاجتماعى الجديد (عام 2005) الذى يشير الى ارقام رسمية لوزارة التخطيط ان نسبة فقراء مصر تزيد قليلا عن 20% بمعنى أن عدد فقراء مصر يزيد على 15 مليون فقير ونسبة الفقراء تزداد فى صعيد مصر عنها فى الوجه البحرى حيث يتركز 64% من الفقراء فى محافظات الصعيد و 28% فى الوجه البحرى و 8% فى محافظات الحضر ومن المزعـج حقا أن الفقراء فى الوجه القبلى تضاعف عددهم (تقريبا) منذ عام 1992 . وحسب التعداد الرسمى لمصر فقد بلغت قوة العمل 22 مليون فرد وعدد من دخل سوق العمل فى العشر سنوات الماضية هو 2ر4 مليون فرد بمتوسط تقريبى 420 الف فرد سنويا ووصل الرقم (الرسمى) للبطالة الى 3ر9% فى عام 2006 . وبينما يثير عدد من رجال الاعمال فى المدن الصناعية الجديدة قضية عدم توفر العمالة المدربة فإن صعيد مصر يأن – ألما ويأسا - بأجيال لم تتح لها فرصة العمل بل والامل لتحقيق الذات . لقد وضح من خريطة الفقر فى مصر – والتى سبق ان اشرت لها بمقالتين سابقتين – ان فجوات التنمية عبر عشرات السنين قد ازدادت حدتها وأدى ذلك الى أن اكثر من 64% من فقراء مصر يتركزون فى محافظات صعيد مصر والتى لا يزيد سكانها عن ثلث الجمهورية ... وقد آن الآوان ان نقف وقفة جادة مع الفقر كأهم قضية تواجه مصر – فى نظرى – على الاطلاق ... بل تهدد – فى اعتقادى – انطلاقة واستمرار الاصلاح الاقتصادى (الثانى) واستمرار مسيرة الوطن نحو تعميق الديموقراطية ... فلا اصلاح اقتصادى فى وجود الفقر والفقراء ، ولا يليق ان تزداد شريحه من المجتمع فقرا بينما تزداد تجاوزات البعض على مرأى ومسمع من باقى المجتمع ... السلام الاجتماعى اساس لاستقرار المجتمع ... والاستقرار اساس للتنمية الاقتصادية ... وكلاهما ركائز للديموقراطية ... فلا يمكن ان نقبل أن يعيش اصحاب الوطن الواحد يعانون من حدة التباين بين الفقر والغنى كما نشاهد حدتها الآن ... مستقبل اولادنا فى هذا الوطن يدعونا للعمل على اولا : الحد من الفقر ، وثانيا : القضاء على الفقر والطريقة الوحيدة لذلك هو من خلال جهود عملية لتمكين الفقراء .
والتعامل مع الفقر لا يتم بفكر الفقر ، ولكن بسياسات التمكين والقدرة على ان نتحول من الاساليب السلبيه الى الاساليب الايجابيه ... اولا : الفقير لا يحتاج صدقـه ليوم ، الفقير يحتاج عمل لعمر ... ثانيا : الفقير لا يحتاج الى حسنه ، الفقير يحتاج الى تمكين ... ثالثا : الفقير لا يحتاج ورقة محو أمية ، الفقير يحتاج لتعليم وتدريب ... رابعا: الفقير لا يحتاج الى الظلم والقهر ، الفقير يحتاج الى رعاية وتقدير... بالفكر المعاصر ندعو الى أن يكون الفقراء ملاك وليسوا اجراء ... ملاك مشروعات واصول تستغل فى قيمه مضافه وتراكم الثروة وندعو تحديدا الى سياسات وبرامج تمكين الفقراء . لقد تم تحديد فجوات التنمية والفقر والفقر المدقع – فى خريطة الفقر – بل واولويات العمل من صعيد مصر ... يجب ان ترتبط خريطة الاستثمارات ببناء مجتمعات صناعية حقيقيه فى كل محافظة بدءا من محافظات صعيد مصر صاحبة الحظ الاسواء والاوفر من الفقراء (ما يزيد عن 9 مليون مواطن) ... يجب ايضا ان تنظر الى حوافز تشجـع المستثمرين الى الانطلاق لصعيد مصر سواء كان ذلك 10 أم 20 أم 30% . لقد طرحت فى اوائل التسعينات مفهوم السنغافوريات والماليزيات لكل محافظة تعانى من الفقر ومن ندرة الاستثمار ... ويقصد به خطة استثمار وتنمية متكاملة لكل محافظة تخلق فرص العمل اللازمة لانطلاقات للمناطق الاشد حرمانا واحتياجا وبطالة وفقر ... ادعوكم لمحاربة الفقر ... بخلق فرصة عمل وتمكين الفقراء على العمل ... فى كل مكان ... وللحديث بقية