جريدة الأخبار – الأربعاء 23 مارس
2005 اعداد القادة (2)
من الذى يعد القادة ؟ في الأسبوع قبل الماضي تساءلت عن كيفية إعداد القادة في المجتمع المصري وضرورة أن نبني معاهد التميز القادرة علي تخريج القادة مثل ما تم في الولايات المتحدة غربا والهند شرقا ، وثانيا : أن نستفيد من 10% علي الأقل من خريجي الدراسات العليا بجامعاتنا ومعاهدنا من الحاصلين علي الدكتوراة والماجستير والدبلومات وتأهيلهم للقيادة ، وثالثا : من خلال الإستثمار في إرسال 1000 مبعوث سنويا للحصول علي الماجستير والدكتوراة من أفضل جامعات العالم للعشر سنوات القادمة علي الأقل . وقد كانت هناك محاولات عديدة في مصر اقتبست الأسم البراق دون المضمون والجوهر . وللأسف الشديد فإنه يختلط الحابل بالنابل عند التحدث عن إعداد القادة ويصل الجدل في كثير من الأحيان مثل ما يحدث في كرة القدم المصرية تدريبا وإنجازا . وإعداد القادة يبدأ بالتكوين والتأهيل والتعليم والتدريب والتثقيف والإنضباط .. وكل هذا يمكن أن يبدأ في مرحلة مبكرة من مراحل العمر في المدرسة من خلال الأنشطة الإجتماعية والثقافية والرياضية والفنية وما كان يعرف عليه بخدمة المجتمع وإتحادات الطلبة ومن جهة أخري يمكن أن يبدأ من المنزل حين تغرس الأسرة الثقة والقيادة والإعتماد علي النفس و"خدمة الآخرين" وإتخاذ القرار والتفاني والأخلاق والتسامح والمحبة وغيرها من القيم الجميلة والمثلي التي يجب أن يتسلح بها القيادي، والمدرسة هي أساس توسيع قاعدة تفريخ القيادات وخروج الملكات والمهارات التي تشكل رواد المستقبل والأجيال القادمة. ومن ثم فإن دور المدرب والمؤهل لهذا العمل القيادي في غاية الأهمية. فهل نحن نعد مدرسين اليوم لإكتشاف وإعداد وتأهيل القيادات من أبناء هذا المجتمع؟ ويرتبط بهذا الإكتشاف والتأهيل والتواصل في إحتضان القيادات وتشجيعهم علي التنافس في خدمة المجتمع والتميز في العطاء … والتواصل يتطلب الإستمرار في توفير مناخ الممارسة للقيادات الشابة في جميع مراحل العمر … وأن يكون هناك المدرب والموجه والمشجع والمصحح للإخطاء التي ستحدث، والرحمة مع الحزم والتوجيه، والتأكيد علي عدم تكرارية الأخطاء … فبديهي أن القيادات "خاصة الشابة منها" ليست مجردة من الخطأ فالخبرة والحكمة وتراكم المعرفة يكون في مهده … فأين البيئة المشجعة للقيادات الشابة ؟ وهل جامعاتنا ومعاهدنا جاذبة وداعمة لخلق القيادات ؟ أم هي منفرة وطاردة وكابتة … وما هو البديل المحبط بهؤلاء الذين لديهم الكثير للعطاء والمحبين لمجتمعهم . وإذا لم يجدوا البيئة الحاضنه والمشجعة والموجهة … فمن يحتضنهم؟ ما يحدث يشير أن لديهم بديلين إما الكبت والإحباط والخفوت والصدأ ومن ثم يفقد المجتمع القيادات التي كان يمكن أن تكون واعدة واما أن توجه إتجاهات أخري عقائدية أو مذهبية أو أيديولوجية أو ترفيه … مجال تفريغ الطاقات الكامنة والمتفجرة في مراحل العمر المبكرة … ثم ما بعد التخرج من الجامعات ؟ هل لدينا الأطر المؤسسية التي تساعد علي إكتشاف وفرز، وإعداد وإختيار القادة بصورة دورية … في المجتمعات الأكثر تقدما يتم تحقيق هذا من مؤسسات المجتمع السياسية والتنفيذية، الإقتصادية والإجتماعية … وهو لا يمكن أن يخرج عن خمس مؤسسات هي الأحزاب، مؤسسات المجتمع المدني، مؤسسات الحكم والحكومة، مؤسسات مجتمع الأعمال، المؤسسة العسكرية والأمنية … فأين يمارس شباب مصر الناضج الإعداد للقيادة ؟ وكيف يتم تحقيق التكافؤ والعدالة والنقاء في الجذب والإعداد والإختيار؟ وما هي الأسس لذلك ؟ وهل هناك مساواة وعدالة ؟ أم أن المحسوبية والوساطة والتملق والمصالح وغيرها هي عناصر الإختيار ليس فقط للقيادة ولكن للإدارة بل هي للوظيفة … إعداد القيادات هو فرض علينا وليس تفضلا منا، هو إلتزام لإخراج أجمل ما في أبنائنا وأجمل ما في شباب هذا المجتمع منهم للقيادة والإدارة … سنخلق التقدم وسنخلق الإنطلاقة … بل سنخلق السعادة والأمل للإجيال … علينا أن نغرس القيادة في مراحل الطفولة المبكرة مرحلة النشء ومراحل التعليم من الإبتدائي الي الثانوي ومراحل التعليم الجامعي ، ومراحل العمل والممارسة بعد ذلك . فهل لدينا الإطار لإستيعاب الفكر والممارسة بما فيها صح وخطأ … وتصحيح؟ دون قيادات سنكون دولة من الدرجة الثالثة وبالقيادات المتجددة سننافس عالما يجري لعصر المعلومات والمعرفة … وللحديث بقية