جريدة الأخبار – الأربعاء 3 نوفمبر  2010
اختناق مدينة

القاهرة تختنق ... الانتقال في شوارع القاهرة هو رحلة عذاب من حيث المعاناة والجهد والوقت الضائع والتكلفة والفرصة الضائعة والبديلة لما يمكن عمله وكذا للحوادث للمخاطر الكبيرة للسيارات الطائشة وعدم الانضباط والاختناق العام ...عاصمة مصر هي ثاني أكثر المدن ازدحاما في العالم بعد مانيلا عاصمة الفلبين والتي تصل الكثافة السكانية بها إلي 41 ألف نسمة/كم2 ... وتشير المؤشرات أن القاهرة – الآن – تنافس علي المركز الأول في أكثر الدول في العالم اختناقا ... واتسائل هل يمكن أن نترك أنسانا يختنق ؟ فكيف نترك مدينة تحتضر ؟ ... مدينة القاهرة من أكبر مدن العالم من حيث المساحة بينما تحتل مرتبة متوسطة من حيث توفر البنية التحتية في حين تحتل مرتبة متأخرة في مؤشر أغني المدن في العالم وكذا المدن المالية والتجارية ومن أسوأ مدن العالم في النقل ... المواطن المصري في رحلة العذاب اليومية وصل إلي ما يمكن توصيفه بالاختناق ... اختناق شعب واختناق مدينة ... فهل سنظل نواجه أزمة النقل والمواصلات في مصر بعدم مبالاة ؟ أو بحلول جزئيه ؟ ... المطلوب الآن هو مواجهة شاملة مع مشكلة تحولت إلي أزمة كبري ... قضية النقل في مصر هي قضية مجتمع وليست فقط قضية وزارة نقل أو عدة وزارات أو حكومة أو حزب ... مصر في أزمة ... هي خطيرة بكل المعاني والمقاييس ونحن قادرون علي حلها مثل أزمات كثيرة ... علينا فقط أن نعترف بها ونواجهها ونتبع الأسلوب العلمي والعملي الشامل والمتكامل لحلها ... مصر الـ 80 مليون نسمة تعيش علي تخطيط نقل وشوارع تم لـ 40 مليون نسمة من أكثر من خمسين عاما... للأسف الشديد حدثت جرائم كبري من حكومات ومن بعض من كان مسئولا علي ملف النقل والمواصلات أوصلتنا لهذه الكارثة الكبرى ... ما نحن فيه اليوم هو نتيجة جرائم الأمس !!... نتيجة لعدم التخطيط ، ولعدم الاستفادة بقمم العلماء والمتخصصين في تخطيط النقل والمواصلات ، ولتنحيه قيادات متميزة في ثلاثين عاما ، ولإهمالنا البناء المؤسسي لقطاع بالكامل وهيئاته خلال نفس الفترة ، ولاعتمادنا سياسة المسكنات الجزئية بدلا من المنظومة الشاملة ، ولمضاعفه الترخيص لسيارات دون توفير شوارع وأماكن انتظار لها ، وللإهمال الكبير لقطاع النقل العام ولسوء تخطيط وتكامل وسائل النقل المتعددة العامة والخاصة والنقل الثقيل والترام والقطار والنهري والأجرة ، وللتطبيق السيئ للمرور ، ولعدم الانضباط في الطريق ، وللترخيص لغير المؤهلين وغيرها ... ووصلت الحالة إلي معاناة يومية في رحلة عذاب – متكررة ومتواصلة - ورحلة رعب لكل مصري ... والسؤال هل سنترك الحل لكل محافظ ؟ أم لوزير النقل ؟ أم سنتركه ليكون بند من بنود حكومة مزدحمة بأجندة انتخابات ومستوي معيشة ومشروعات وتعليم وصحة وغيرها ؟ ... التعامل مع قضية النقل والمواصلات يجب أن يكون من منظور مجتمعي وبفلسفة أحداث نقلة نوعية ، وبمنهج الإسراع بالتنمية ، وبأسلوب متكامل وليس جزئي ، مخطط وليس عشوائي ، متعدد الوسائل وليس أحادي الوسيلة ... يضيع علي الاقتصاد القومي ربع وقت العمل في الانتقال وهذا غير مقبول ولا يمكن الصمت عليه ... إذا أضفنا إلي هذا أن مصر سيولد بها أكثر من 80 مليون علي الأقل في الأربعين عاما القادمة حتي عام 2050 فإننا سنجد أنفسنا أمام تحدي بناء وطن من جديد بمدنه وقراه وبشبكة طرق ونظم مواصلات تواكب هذه الزيادة ... أي أن المطلوب هو أولا حل مشاكل الماضي المتراكمة عبر أكثر من ثلاثين عاما وثانيا مواجهة التحدي العاجل لـ 160 مليون مواطن علي الأقل في عام 2050 مطلوب أن يعيشوا ... وينتقل كل منهم بأمان ... فكيف ننقذ شعب ومدينة تختنق ؟ ... وللحديث بقية .


  532
ارسل بالبريد الالكتروني
طباعة
المقالات من الأحدث إلى الأقدم المقالات من الأقدم إلى الأحدث
جريدة الأخبار – الأربعاء 17 نوفمبر  2010
هديتي لمصر (2)
يوم السبت الماضي 13 نوفمبر مر 25 عاما علي بدء دخول مصر عصر المعلومات ... هديتي لمصر الأولي والتي أشرت لها الأسبوع الماضي هي في " د ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 10 نوفمبر  2010
هديتي لمصر
يمر هذا الأسبوع 25 عاما (ربع قرن) من بداية تحويل حلم المساهمة في بناء وطن عصري وإدخاله لعصر المعلومات والمعرفة للإسراع بالتنمية إل ...
جريدة الأخبار – الأربعاء 3 نوفمبر  2010
اختناق مدينة
القاهرة تختنق ... الانتقال في شوارع القاهرة هو رحلة عذاب من حيث المعاناة والجهد والوقت الضائع والتكلفة والفرصة الضائعة والبديلة لم ...
 صفحة:  1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 التالية>>
بحث جميع المقالات
2015
2014
2013
2012
2011
2010
2009
2008
2007
2006
2005
2004
2003
2002
2001
 
الموقع الرسمي للدكتور هشام الشريف
جميع الحقوق محفوظة ©