جريدة الأخبار – الأربعاء 29 ابريل
2009 لقاء وادى التقدم
قضيت يوم شم النسيم فى الطائرة الى سان فرانسيسكو ووصلت المطار والذى تغير فى نظامه وحجمه وتشغيله كثيرا عما كان منذ عدة سنوات . ويلاحظ الراكب ذلك مباشرة فى سرعة الخروج من الطائرة حتى المرور بالجوازات والتقنيه المتقدمة وبالابتسامة التى فقدت من امريكا والامريكتين فى ثمانى سنوات من حكم بوش – فى نظرى - وما تميز به من سياسات كراهية . وفى دقائق كنت فى طريقى الى وادى السليكون أو وادى التقدم كما اسميه حيث الاجتماع السنوى للمفوضية العالمية لبنية المعلومات والتى شاركت فى تأسيسها فى اوائل التسعينات . والمفوضية هو تجمع لقمم العالم فى مؤسسات وشركات تكنولوجيات العالم والبنية الاساسية للمعلومات والانترنت وصناعة تقنيات المعلومات وتطبيقاتها . حضرت اجتماعات هذا العام بعد ضغوط شديدة للمشاركة من ادارة وقيادة المفوضية الحالية واسعدنى الحضور . بل - وبكل صراحة – اعجبنى اللقاء فى تميز المشاركة ونوعية الموضوعات التى نوقشت ... وأهم ما فيها أن العالم يتغير ... ويتغير بسرعة تفوق ما يدركه المتابع والمهتم والساعى للتقدم ... فيما بالنا بما لا يدرك ... وما بالنا بمن لن يدرك ... وأهم ركيزة للتقدم هو حجم ونوعية الانتاج العلمى والتقنى وتوجهه ... ما يحدث عبر السنوات الاخيرة هناك يمكن وصفه بالثورة العلمية والتقنية الجديدة ... والتى لا يتابعها حتى المتخصصون فى بلادنا ... اهم ملامحها ما يلى اولا : زيادة الاستثمار المباشر فى الصناعات التقنية بما فيها صناعات تقنيات المعلومات وعلى الرغم من أن الغالبية تعانى من كارثة الانهيار المالى والاقتصادى ، وهذا هو عكس الاتجاه العام للانكماش . والبعض الواعى والمدرك يرى (1) ان كل كارثة يصاحبها العديد من الفرص و(2) ان اهم الفرص هو الاستثمار بل اقتناص التقدم . وثانيا : ان هناك كل يوم تولد قيادة جديدة وفكرة جديدة اساسها القاعدة العلمية والبحثيه وقدرة تحويلها الى تقدم وابداع ومنتجات وخدمات . ثالثا : ان الفرص الحقيقيه تحدث فى فترات التحول وبعضها اثناء الكوارث والبعض الآخر اثناء الحروب . رابعا : ان التقدم له اسواق والاسواق تزداد اتساعها وانفتاحها مع اتساع شبكات الاتصالات والموبايل والانترنت والفضائيات ... فقد تغير العالم جذريا عبر ربع قرن ... وفى العشرة اعوام الاخيرة ... ويتغير بشدة فى الخمسة اعوام المعاصرة ... خامسا : انتشار مفاهيم وسياسات وادوات "التقنيه للاسراع بالتنمية والتقدم" ... وهى التى تعود الى ما تم من قاعدة بحثيه وعلمية فى معهد ماساتشوتس للتكنولوجيا فى اواخر السبعينات واوائل الثمانينات وشرفت بالمشاركة فيه وريادته فى احدى المجالات . وسادسا : زيادة دور مؤسسات الاستثمار المباشر فى بناء صناعات التقدم ونشرها وهو عكس ما تراه البيروقراطية أو مدارس التخلف التى عايننا منها كثيرا . سابعا : ان التقدم انسان ... ذو علم ومهاره على العمل يعمل فى اطار سياسه العدالة والتكافؤ ... والتقدم للأكفأ والبقاء للاصلح ... ويغيب عن ما يشاهد فى امريكا التكافل والمساندة التى تميز مجتمعاتنا ... فنرى الغنى الفاحش ونرى ايضا الجوع والفقر الشديد ... وأحيانا غياب الرحمة التى تميزنا ... ثامنا : ان الانترنت يعاد تصميمها وهندستها ونشرها سواء بالمشروع الثانى والذى سيتيح فى سنوات قليلة مضاعفة قدرات الانترنت وسعتها خمسين مرة للولايات المتحدة فقط أم فى المشروع الكبير لاعادة هيكلة اكبر الشبكات العالمية واكثرها تأثيرا والتى تتبناه جامعة ستانفورد فى تنافس واضح ومنفرد مع باقى قاعدة الجامعات الامريكية . تاسعا : ان الثورة القادمة هو ثورة الجينات وهى الثورة التالية للانترنت وان ما يحدث فى كتابةDNA فى السنوات الخمسة الاخيرة قد فاق ما حدث من تقدم فى مائة عام ... فأين نحن من هذا . وعاشرا : هناك توجه لاتجاهات علمية وتقنيه اساسها التزاوج بين علوم النانو والعلوم البيولوجية وتقنيات المعلومات . حادى عشر : ان نهضة تحدث وستحدث نتيجة لذلك فى الطب والعلاج والطاقة والالكترونيات والصناعة والكيماويات فى العشرة اعوام القادمة ... وثانى عشر: أين نحن من هذا ؟. وفى طائرة العودة التقيت بالاخ عادل دانش والاخ طارق السعدنى فى طريق عودتهم من احدى المؤتمرات ودار حديث لم يكتمل – حول ما يجب أن نقوم به كمجتمع ... كان أهم ما فيه التعليم ... التعليم ... التعليم . وللحديث بقية
Alakhbar@hisham-elsherif.com