جريدة الأخبار – الأربعاء 2 يوليو  2008
فقراء القرن الحادى والعشرين

فقراء القرن الحادى والعشرين
هناك تزايد فى معدلات الفقر . أوضح تقرير التنمية البشرية لمصر عام 2008 والذى يصدر عن معهد التخطيط القومى التابع لوزارة التخطيط والبرنامج الانمائى للأمم المتحدة أن الفقر فى مصر يزداد وقد ارتفعت نسبة انتشار الفقر فى مصر من 7,16% عام 2000 الى 6,19% عام 2005 كما يشير التقرير . وتشير كل المؤشرات ان هذه النسبة فى زيادة فى الثلاث اعوام الاخيرة . فهل تشعر بأنك أفضل مما كنت منذ خمسة سنوات أم أنك أكثر فقرا ؟ الانصاف والتقارير تشير الى تحسن فى ظروف العمل ، وأن هناك فرص عمل اضافية ، واستثمارات تزيد من هذه الفرص وتحسن فى الأجور ايضا … ولكن ما يحدث أن هناك موجات من الغلاء وارتفاع الاسعار والتضخم تضيع جهود التحسن الأقتصادى التى بدأت .
وإذا نظرنا حولنا نجد أنه بالمثل الفقر يزداد فى الدول المحيطه وفى افريقيا … وأحد أهم الاسباب لذلك هو زيادة اسعار الطاقة وزيادة اسعار الغذاء وما يتبعها من تداعيات … وهناك بعض دول افريقيا التى تصور البعض انه بالثورات وبالتحرير ستحل مشاكلها المزمنة فى الاستعمار ونهب الثروات والخروج من دائرة الفقر … إلا أن فجوة الفقر تزداد اثارها وانتشارها . ومن جهة نتابع الانطلاقة الخيالية لاسعار البترول وآثارها فى تراكم الثروة للدول البترولية واذكر حين كتبت مقالتى عن برميل البترول بمائة دولار كتوقع اشرت الى أنه علينا ايضا توقع انه سيصل الى مائة وخمسين دولارا وسيصبح ذلك بعد ساعات وأيام … واعتقد انه ليس مستبعدا ان يصل الى مائتين دولار للبرميل فى المستقبل القريب … كيف سيعيش الفقراء وكيف سينتقل هؤلاء وما هو آثار سعر البترول على الموارد المحدودة (والغير متاحة) للفقراء … وماذا سيفعلون وماذا سيفعل الاغنياء وماذا ستفعل الحكومات وماذا سيفعل دعاة المساواة والتكافؤ وحقوق الانسان . اذا ما اقتنعنا اننا نعيش فى عالم ثرواته محددة ومحدودة فما يأخذ منها اكثر من جهة تؤثر – مجازا – على من لا يستطيع ان يأخذ منها … فإذا ازدادت ثروة فرد بلايين الدولارات (دون وجه حق) فهو يأخذه من مئات وعشرات الفرص من القادرين على المنافسة بكل حق … ويأخذ معه كل حقوق وفرص ان يخرج الفقراء من دائرة الفقر المتسعه . يجتمع رؤساء الدول ومنها اجتماع افريقيا بشرم الشيخ وقبله اجتماع روما القريب وتلاه مؤتمر الطاقة بالسعودية وتتداول افكار واطروحات عن صناديق للفقراء وصناديق للغذاء وصناديق للاعانة … وكلها افكار تعتمد على الدعم والمساعدة والزكاة وهى افكار انسانية مطلوبة للتكافل والتعايش . ولكنى اعتقد بكل دقة ووضوح أن مصر فى احتياج الى الخروج من دائرة الفقر ومن طريق الفقر الى طريق يستطيع كل منهم ممارسة حقه فى الحياة ومعرفة حقوقه كانسان وواجباته كمواطن … ولن يتحقق ذلك إلا بتعليم وتمكين ومحو امية وتشجيع للمشاركة والعودة لتكافؤ الفرص والعدل والعدالة وتشجيع الرأسمالية الوطنية ذات القلب وليست ذات النهب وحكومات عادلة ورشيدة وصادقه وخادمة وسوق حر ذو قلب ومعلومات وشفافيه وديموقراطية ومشاركة ومحاسبة ومسائلة … أرى اننا علينا أن نعيد دراسة نظريات السوق الحر التى تعلمناها من منظور آثارها على الفقراء ، وكيف طبقت فى الدول النامية حين غيبت الشعوب وغيبت المعلومات واستولى البعض على كل الثروات … شعوب افريقيا فى الستينات فرحت بالثروات وأمل الخروج من الفقر ثم فرحت بالتحرير وعاشت مسلسل نهب الثورات من الداخل والخارج … ثم فرحت بتطبيق احدث نظريات السوق الحر والخصخصه ونهبت مرة اخرى … وتواجه الان كارثة زيادة اسعار الطاقة وزيادة اسعار الغذاء … هل لدينا القدرة والمعرفة لنبحث على نماذج علميه وعملية وحيايته لتعيش فيها المجتمعات اكثر سعادة وتقدما ونماء ورخاء شاملة فقراء المجتمع … وهل سيقل عددهم أم سيزداد ويصبح نوع من المخلوقات البشرية المختلفة تسمى فقراء القرن الحادى والعشرين ؟ علينا ان نصلح ما بأنفسنا قبل ان يغضب المظلوم والجائع … للفقراء حق انسانى فى الحياة الكريمة … اساسها التمكين … وللحديث بقية.