جريدة الأخبار – الأربعاء 13 أغسطس  2008
قمة الشعوب ... وشعوب القمة (5)

التقدم طريق والقمة غاية . وشعوب القمة هى الشعوب الاكثر تقدما والأكثر تحضرا . لقد دعا الرئيس محمد حسنى مبارك فى باريس بوصفه الرئيس المشارك للقمة من أجل المتوسط لصياغة رؤية لجنوب المتوسط للاسراع بالتنمية وتقليل الفجوة الاقتصادية والاجتماعية بين الشمال والجنوب الى 50% حتى عام 2030 والى 80% حتى عام 2050 ؟ وقد أشرت فى المقالات السابقة الى ضرورة صياغة الرؤية الواضحة والاطار التنموى الملائم والذى يعتمد على أسس وركائز واقعية وليس على فرضيات نظرية وتسائلت كيف سنضيف مائة مليون فرصة عمل حتى عام 2028 (فى عشرين عاما) ؟ وكيف سنبنى 20 مليون مسكن (مائة مدينة تستوعب كل منها مليون أو 200 مدينة تستوعب كل منها نصف مليون) ؟ تسائلت ايضا عن تكوين وتعليم وتدريب مائة مليون من ابناء الجنوب وكيف سنضيف مائة الف مدرسة تستوعب كل منها الف تلميذ ؟ ... اسئلة عديدة تواجه مستقبل سنعيش جزء منه وسيعيش ابناؤنا واحفادنا ما أراد لهم الله من تواصل ... ترى هل من الممكن أن نعد ونصنع المستقبل ؟ ... الإجابة نعم وهى ضرورة حتمية . عدد سكان دول جنوب المتوسط فى عام 2008 وصل الى 272 مليون نسمة وسيصل فى عام 2020 الى 232 مليون نسمة بزيادة قدرها 60 مليون نسمة وفى عام 2030 سيصل الى 279 مليون نسمة بزيادة تفوق مائة مليون نسمة (أكثر من ثلث) ما هو عليه الأن ... احتياجات شعوب دول الجنوب – لاستيعاب الزيادة فى السكان – تتضمن تعليم ، فرص عمل ومسكن وطعام ورعاية صحية وشبكات نقل ومواصلات ... وتتضمن ايضا الارتقاء النوعى لواقع الحياة التى يعيشها ابناء جنوب المتوسط وتحدياتها . حقيقة ما يحدث تشير أن الفجوات تزداد بين الشمال والجنوب فى الربع قرن الماضى حيث كان الناتج المحلى الاجمالى للفرد فى دول الشمال ثلاثة اضعاف ما هو عليه فى دول الجنوب ولكن – للأسف – ازدادت هذه الفجوة الى ستة اضعاف مع عام 2005 ... ونرى فيما يحدث الآن الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لما يحدث الآن ... ترى هل ما دعى له الرئيس محمد حسنى مبارك ممكن تحقيقه ؟ ... الأجابة نعم ... والسؤال الآخر هل للجنوب طريق حاليا ؟ الأجابة لا . وبين الأمل والعمل ، والواقع والتخبط فجوات علينا ادراكها والخروج منها فى كل دولة من دول الجنوب ... وعلى وجه المثال فى مجال الصحة هل شعوب الجنوب راضية عما هو متاح من خدمات ورعاية صحية لها ... الفجوات حادة بين شمال المتوسط وجنوبه فإذا كان هناك طبيب لكل 169 مواطن فى ايطاليا فإنه فى مصر يوجد طبيب لكل 840 مواطن (تقريبا) فى المتوسط ... الفجوات حادة فى داخل كل دولة خاصة بين الحضر والريف وفى بعض المحافظات حيث تزداد الفجوة الى طبيب لكل 2700 فى محافظة مثل سوهاج . الدعوة الى رؤية جديدة لرعاية وخدمات صحية تتطلب الوصول بها لما هو متاح فى السويد والمانيا وفرنسا حتى عام 2050 دون التحجج أو التماس الاعذار بالامكانات والسلبيات ... فمن منظور حقوق الانسان فإن حق الرعاية والعلاج هو أحد الحقوق الانسانية المرتبطة بتقدم وتحضر الشعوب لا فرق فيها بين الريف والحضر والفقير والغنى ... فهل يمكن تكوين تعليم وتدريب طبيب متميز وتمريض كفء ؟ هل يمكن الارتقاء النوعى والعددى بالخدمات الصحية ؟ هل يمكن اتاحة هذه الخدمات بمفهوم الخدمة الشاملة (مثل البريد) لكل مواطن فى كل مكان وفى كل وقت ؟ هل يمكن بناء المستشفيات والمراكــز والوحدات الصحية (1) لاستيعاب ثلث عدد السكان الحاليين ، (2) لتقليل فجوات الخدمات الحالية ؟ هل يمكن التوسع فى نظم التأمين الصحى لتشمل كل المجتمع وخاصة الفقراء منه ؟ هل من الممكن توفير الدواء بالسعر الملائم ؟ هل من الممكن توطين الصناعات والابحاث الدوائية والطبية بما يحقق ويضمن ويؤمن وصـــول الدواء والخدمة الصحية بالسعر الملائم لشعوب الجنوب ؟ بل أنى اتسائــل هل يمكن مع عام 2050 ان نصدر الدواء والعلم والبحث والخدمة الصحية ؟ ... التقدم طريق والقمة غاية ... والانسان هو قائد الطريق وهدف التقدم ... وللحديث بقية