جريدة الأخبار – الأربعاء 11 يونيو  2008
السكان ... والتنمية

دعا السيد الرئيس حسنى مبارك الى اطلاق حملة قومية للتعامل مع قضية السكان بمختلف ابعادها ومحاورها بعد اقتراب حجم سكاننا من 80 مليون نسمة . ولا أعتقد ان هناك من يختلف على أن الخلل بين السكان والموارد هو أهم التحديات التى تواجه مصر عبر الزمن ... والتنمية تعنى التصدى لهذا الخلل والدول التى تتقدم هى التى تحسن ادارة المورد البشرى لها وهى أيضا التى تحسن تعظيم مواردها والناتج المحلى الاجمالى والقيمة المضافة لها . وتحسين ادارة المورد البشرى تعنى السيطرة على معدلات الزيادة فى السكان والتوعيه والتعليم والتثقيــف والرعاية الصحية وغيرها والتى تعنى رفع جودة الحياة للقاعدة السكانية . وادارة التنمية تعنى تحقيق التقدم والرفاهية لهذة القاعدة من البشر بحيث تحقق الآمال والطموحات للبشر الذين يولدون ويعيشون على أرض الوطن ويشمل ذلك خلق المناخ الملائم لتعظيم توظيف طاقات هذا الشعب الفردية والجماعية والمؤسسية من خلال سياسات دافعة للتقدم وخلق فرص العمل والاستثمار وبناء البنية الاساسية لمعيشة السكان والبنية الصناعية والخدمية للانتاج للمجتمع ويشمل ذلك المدن والمساكن والطرق والمواصلات والمدارس والجامعات والمستشفيات والمصانع والورش والبنوك ... الخ . وايضا تأمين هذا المجتمع وتحقيق العدل والعدالة بين افراده ... وسماع صوتهم فى رحلة التقدم والنماء التى ينشدونها لاوطانهم ديموقراطيا وسياسيا . هذه المعادلة الصعبه تتلخص فى السكان والتنمية . عام 1900 كان تعداد مصر عشرة ملايين نسمة تضاعفت فى عام 1950 لتصل تقريبا الى عشرين مليون نسمة وتضاعفت فى اوائل الثمانينات لتصل الى 40 مليون نسمة ووصلت فى بداية القرن الحالى 64 مليون نسمة ووصلت اليوم الى 80 مليون نسمة – وبالمعدلات الحالية – سيصل عدد سكان مصر الى مائة مليون نسمة عام 2025 و 161 مليون نسمة فى عام 2050 ... فى اقل من 20 سنة مصر سيكون بها مليون نسمة ماذا يعنى مضاعفة عدد السكان حتى عام 2050 ؟ يعنى ببساطة اننا نحتاج لبناء مصر اخرى لتستوعب الـ 80 مليون نسمة اضافة لما هو موجود . بمعنى ان نبنى فى اربعين عاما ما بناه المصريون فى اربعة الاف عام . واذا كانت مصر الـ 80 مليون نسمة تنادى اليوم باعادة وضع قضية السكان على اولوياتها السياسية والتنفيذية فيجب أن نسجل ان مصر فى الثمانينات والتسعينات قد بادرت بحملة مماثلة ويذكر المعاصرين فاعلية المجلس القومى للسكان والذى دعمه الرئيس حسنى مبارك بقوة ونتائجه العملية فى تخفيض معدلات الزيادة السكانية ويذكر المنصفون ايضا جهود (الراحل) د/ماهر مهران والسياسات والاستراتيجيات التى وضعت للسيطرة على الزيادة السكانية والتى كان تستشعرها كل مصر. مما أدى الى تخفيض معدل الزيادة من 8ر2% الى 9ر1% . نسجل ايضا التقدير لاعادة القضية لاجندة العمل القومى الجادة بعد استشعار عناصر الخطر المتزايدة من هذا الخلل اجتماعيا فى مظاهر نساها المجتمع المصرى مثل طوابير الخبز وطوابير بطاقات التموين والغلاء فى الاسعار وزيادة اسعار الغذاء والتضخم أيضا فى وسوء التعليم وسوء الرعاية الصحية ... الخ . واذا اردنا الانصاف سنجد أن احد الاسباب الرئيسية والهامة فى كل المشاكل التى تواجه مصر هى الزيادة السكانية فاذا كان لدينا عشرة جنيها فى اليوم فهل يمكن ان تكفى لاطعام اربعة ابناء مثل ان تطعم اثنين ... بالمثل هل مصر الـ 80 مليون نسمة مثل مصر الـ 40 مليون نسمة ... بنفس الموارد كلما زاد السكان قل نصيب كل منهم من الناتج المحلى الاجمالى دون موارد كلما ازدادوا فقرا ... والحل هو فى تخفيض معدل زيادة السكان من جهة وفى حسن ادارة الموارد من جهة اخرى ... والاولى هى قضية شعب ... والثانية هى مسئولية حكومات رشيدة ... فهل نحن نسيطر على معدل الزيادة فى السكان ؟ ... وهل نحن نعظم وندير مواردنا وامكاناتنا بالاسلوب الكفء ؟ ... وللحديث بقية .