جريدة الأخبار – الأربعاء 10 أكتوبر  2007
ماهر اباظة ... فارس النور

فقدت مصر رجل من نوع الرجال الذى كان يسعد الدنيا عطاء وبناء ، وعملا وانجازا ، وزهدا وتجردا ، ومثلا واخلاقا . اذكر أن السيد/ماهر اباظة كان يشغل الوزارة عند بدء رحلة بناء مراكز المعلومات ودعم اتخاذ القرار والتى بدأت بمركز بمجلس الوزراء فى عام 1984 . وكان احد محاوره توفير المعلومات المطلوبة لصياغة السياسات اللازمة لدعم اتخاذ القرار ولصياغة القرارات والتشريعات اللازمة لبدء مسيرة الاصلاح الاقتصادى الأمال التى عزم عليها الرئيس حسنى مبارك بعد توليه الحكم فى اوائل الثمانينات . وكان يتطلب توفر المعلومات على مستوى مجلس الوزراء توفر المعلومات قطاعية فى كل وزارة والتى لم تكن متاحه أو متوفرة فى صورة منظمة أو محددة أو دقيقة أو مميكنه أو آليه . وكانت البلد غارقه فى بحر من البيانات وقليل بل ما يندر من المعلومات الدقيقة ... واذكر أن السيد الوزير/ماهر اباظة كان من المعجبين بما أدعو اليه آنذاك لتوفير المعلومات اللازمة للتنمية والاصلاح الاقتصادى وإتخاذ القرار الملائم وكان يسألنى كلما قابلنى فى مبنى مجلس الوزراء عما نقوم به ... واذكر انه قام بزيارة المقر المؤقت للمركز فى ذلك الوقت واطلع على ما نقوم به على المستوى المركزى وما يمكن ان نقوم به لو تم بناء مركزا مشابه فى كل وزارة فاتخذ قررا فوريا ببناء أول مركز للمعلومات ودعم القرار لوزارة فى مصر عام 1986وهى وزارة الكهرباء والطاقة بدأت بوحدة صغيرة تدعمه كوزير ثم ببناء مركز للمعلومات ودعم القرار للوزارة تتضمن ركائز هامة منها قاعدة بيانات عن الكهرباء والطاقة ، نظم (لاستخراج) المعلومات ، مكتبة لكل دراسات قطاع الكهرباء ، وحدة لتحليل وتطوير التعريفه الكهربيه (آنذاك) ، ووحدة – جديدة من نوعها ذلك الحين – لتصنيع المعدات الاستثمارية فى قطاع الكهرباء والتى اثمرت لاول مرة عن تصنيع استهدف 70% من محطات الكهرباء ومحطات توزيع الكهرباء فى مصر ... وتلى ذلك الجهد اعداد وتنفيذ أول خطة قطاعية للبنيه المعلوماتيه لكل هيئات ومؤسسات قطاع الكهرباء وكان التميز الرائع للسيد الوزير/ ماهر اباظة انه كان جاد وسريع فى اتخاذ القرار الوطنى ومتميز فى دعم التنفيذ ... وكان - رحمه الله - مقاتل ضد الفساد والمفسدين . وافتتحنا فى قطاع الكهرباء انجازا تلو الانجاز قاده السيد/ماهر اباظة مع قيادات وشباب من قطاع وزارة الكهرباء ، وبنيت بنيه معلومات متميزة على قاعدة بيانات دقيقة وتحولت المشروعات الجديدة فى ذلك الوقت الى نسيج فى داخل نظام العمل الحكومى لاول مرة فى تاريخ وزارة فى مصر ... واستمر بعد ذلك التطوير والارتقاء بقطاع ينمو دون متاعب بل بقطاع يقود الصناعة والتنمية ويوفــر الكهرباء والطاقة لمجتمع تضاعف فى عدده ويتضاعف فى انتاج مصانعه . رأيته وتابعته مع كل المصريين فى مشروعات تنمية للكهرباء فى مصر ورأيته وتابعته ينفذ مع السيد/ عبد اللطيف الحمد رئيس صندوق الانماء الاقتصادى والاجتماعى اول شبكة عربية اقليمية للكهرباء واهم مشروع عربى نفذ على الاطلاق والذى كانت أحد اعمدته الدكتورة/مرفت بدوى. ما أسسه وأضافه الوزير/ماهر اباظة وما استكمله الوزير/على الصعيدى بعد ذلك والسيد الوزير/حسن يونس وما يقوده ويطوره ويضيف اليه ، يمثل مدرسة الكهرباء العريقة التى تنير مصر ، وسأظل اذكر – بكل اعزاز – حين كنا نكرم سويا مع آخرين من جمعية مهندسى الكهرباء والالكترونيات حين وقف الوزير/ حسن يونس متحدثا بكل وفاء عن السيد/ ماهر اباظة وعطائه وعن الدكتور/ محمود عبد الباقى القشيرى وكتبت عن ذلك فى مقالتى بالاخبار17 اغسطس 2005 . اسعدنى الوفاء للرجل الجليل وكان يسعدنى أن اراه دائما محاطا بمنظومة الحب من كل الناس . واذكر ايضا حديثه العزب والمرح دائما عن الحياة والناس وحديثه عن الوطن والشأن العام وحديثه عن خيبه امله فى بعض من نعرفهم ممن اضروا بالوطن . كنت وسأظل احترم واحب السيد/ماهر اباظة القيمه والانجاز والنضال للبناء والعمل وللحق ضد الباطل ... شاهدت السيد/ ماهر اباظة يتفانى لخير مصر ولخير العرب ... فارسا للنور ... رحمه الله.