جريدة الأخبار – الأربعاء 21 نوفمبر  2007
تمكين الفقراء ...والعدالة الاجتماعية (18)

سعدت كثيرا بالرئيس حسنى مبارك وبتأكيده للحكومة للمرة الثالثة خلال اسبوعين ان العدالة الاجتماعية هى الاولوية الاولى للمرحلة الحالية . وليس عيبا ولكن استيعابا أن اعتز وافخر برئيس مصر وبالقرار واهميته وتوقيته فى وضع الاولوية الاولى – فى نظرى – على اجندة العمل القومى ... واننى على يقين أننا كمجتمع سنحقق الهدف ... رئيس مصر يعبر عن – ويشارك - الغالبية الوطنية المصرية فى الاحساس بغير القادرين والفقراء وآنين المحتاجين فى المجتمع المصرى . واذا كنت احد المهتمين والمؤمنين بأن القضاء على الفقر فى مصر هو اهم القضايا الوطنية فإن ترسيخ العدالة الاجتماعية هو الطريق الرئيسى والوحيد امامنا لمواجهة الفقر ولتحقيق انطلاقة التنمية لكل قطاعات المجتمع وليس لفئة محدودة فيه . ليس عيبا ولكن اعتزازا ان نرى اهتمام متزايد لمعظم الصحف الوطنية – الآن – بقضايا العدالة الاجتماعية والفقر بدلا من تشدق البعض على المزايدة بقضايا هامشيه تفتعل وتضيع الجهد الوطنى مثل ما نراه من اقلام الصحافة الصفراء وشاشات فضائية صفراء .

قضية العدالة الاجتماعية – ليست للمزايدة – ولكنها للعمل القومى الجاد تبدأ - كما ذكرت من قبل - بخريطة واضحه ودقيقه – بالمعلومات – بفجوات التنمية والفقر لكل محافظة ومدينة وقرية وهذة الخريطة موجودة . وقد تم اعداد قاعدة البيانات القومية ونظم المعلومات الخاصة بها فى منتصف التسعينيات وهى توضح التباين والاختلاف بين توفر الخدمات للمواطنين على مستوى كل محافظة وكل مدينة بل وبكل قرية ... وتم تحديثها بعد ذلك. وهى أهم مرجع لوصف مصر بالمعلومات يمكن من لتوجيه مسيرة التنمية والتطوير لما هو اهم بدلا من ان توجيه الموارد بصورة مطلقه دون معرفة اين الفجوات. ... فمثلا نعلم ان سوهاج من اكثر المحافظات احتياجا للخدمة الطبيه حيث ينال ما يقل عن ربع ما يناله من يعيش بالقاهرة (مثلنا) من اطباء وتمريض واسره بالمستشفيات وبديهى ان يتم التوجيــه للموارد للارتقاء بالمحافظات مثل سوهاج وذلك لتحقيق عدالة الخدمة الصحيه. بالمثل فى اتاحه الموارد والمشروعات الخاصة بالمياة والصرف الصحى يجب ان تكون بحيث توفر العدالة فى توفير المياة النقيه للمواطنين على مستوى الجمهورية ولا يكون هناك فوارق كبيرة بين اسرة فى العاصمة واسرة فى قرى المنيا والفيوم وكفر الشيخ أو الوادى الجديد ...

العدالة الاجتماعية فى توفير الخدمات هو جزء من مفهوم الخدمة الشاملة ، وهو بتوفير الحد الادنى للخدمة المتكافئ – بعدالة – لكل المصريين . وتذكره بتوفير خدمة البريد منذ اكثر من 150 عاما للمصريين فى كل ربوع مصر حتى مناطقها النائيه دون حرمان احد من الخدمة البريدية . وبالمثل حق المواطن فى الانتقال وان تكون هناك وسيلة مواصلات يتمكن من تكلفتها على بعد مناسب منه ولا يعقل ان تكون خارج طاقته أو أن تكون على بعد خمسة كيلومترات منه ... الدول المتقدمة توفر النقل العام بالجودة الملائمه لكل فئات الشعب . وبالمثل المسكن – وقد اسعدنى – اعادة التوازن لما حدث من بالونه تضخم – كبيرة – فى اسعار الاراضى ساهمت فى زيادة حدة التحدى لتوفير مسكن للفقراء والكادحين بل للطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة ... ولعل التأكيد الشديد ورفع درجة الاستعداد لاعادة التوازن للسوق العقارى والاسكان والاهتمام الواضح بالاسكان الشعبى وبطبقات مصر الكادحة هو بداية الطريق ... واعتقد اننا بدأنا بعض المشروعات مثل مشروع الاسكان الشعبى ... واعتقد ايضا ان هناك مزيد ن المبادرات لتوفير المسكن الملائم بالتكلفة الملائمة وبالسعة الملائمة للاسرة المصرية ... والعناصر الاربعة الحاكمة هى سعر الارض وسعر الحديد وسعر الاسمنت ومنع الاستغلال ... فالمواطن هو الذى يدفع الثمن اما ماليا أو اجتماعيا ... لقد آن الآوان – كما ذكر رئيس مصر – ان نوظف ما تحقق من تحسن فى مؤشرات اقتصادنا وتوجه حصيلته الى التنمية المجتمعية ... العدالة الاجتماعية هى سياسة لطريق الامل والتقدم ، والتوازن والسلام الاجتماعى والامن القومى وتضييق فجوات التنمية فى المجتمع ... وللحديث بقية