جريدة الأخبار – الأربعاء 12 ديسمبر  2007
العدالة الاجتماعية ... والدعم والعلم (20)

العدالة الاجتماعية قبل الدعم ... أكدت بمقالاتى السابقة مرات عديدة أننا فى مصر نحتاج لتأكيد وترسيخ مفاهيم وسياسات العدالة الاجتماعية كإطار أساسى وهام للمجتمع المصرى ... فهل يشعر المصريون بالعدالة عامة ؟ والعدالة الاجتماعية خاصة ؟ فى اعتقادى – وأكرر – أن اختزال قضايا الساعة الى موضوع الدعم هو اختزال للقضية والتحدى الاكبر للمجتمع ... دعيت لجلسة استماع بلجنة التعليم بمجلس الشعب وذهبت لاهتمامى المتواصل بقضايا التعليم وتابعت موضوع النقاش " وهو حول قضايا اساتذة الجامعة " وهو فى حد ذاته بادرة طيبه بحس سياسى واعى . ولما كانت جلسة استماع فقد استمعت المنصه وأنا معهم اتابع لصوت اساتذة مصر ... ولما كان الحديث فى بيت الشعب وكما عبرعنه بصدق د/شريف عمر رئيس الجلسة والتى حضرها وزير التعليم العالى حين اكد ان اللقاء هو " تجسيد للاحترام لهذة الفئة الموقره المسئولة عن صناعة وصياغة مستقبل الامة فهم حماة المسيرة ورواد التنمية"... وسمعت بإنصات بالغ مداخلات اساتذة الجامعة وكانت معظمها بالمستوى الحضارى والموضوعى المتوقع لاساتذة وعقول مصر . وأحسست بالقلق على مستقبل الامة إذا لم ترى وتعى وتسمع وتتدخل لحل المشاكل الحادة لاساتذة الجامعات ...لا يمكن ان نتصور أن مصر ستواصل الانطلاق للمستقبل بدون اساتذة للعلم والبحث ... فهم فى كافة العصور قادة وجيش النماء والتقدم . والاستاذ لديه عزة وكرامة ... لشخصه وعلمه فهكذا تبنى الاجيال وتتقدم الأمم ... بالعلم وبالاخلاق والكرامة . شعرت بجروح كثيرة عبر عنها اساتذة وقادة العلم ومنهم من فوق الـ 70 عاما وقادة حزبين حين اشاروا الى أن دخلهم لا يكفى احتياجاتهم هم واولادهم ! وتذكرت نداءات قطاعات عديدة من المجتمع بزيادة فى الدخل وزيادة فى المكافآت وزيادة فى الحوافز ؟ ... وتابعت ما يثار عن الدعم واصلاح آلياته لوصوله الى مستحقيه ... واحسست بمزيد من الاهمية حول قضية العدالة الاجتماعية ... ما يحس به المصريين فى قطاعات كثيرة هو احساس بعدم قدرتهم على مواجهه الحياة والمعيشة كما كانوا يعيشونها بالامس القريب ... فالدخل لم يصبح يكفيهم فاتورة الموبايل لهم ولاولادهم ، فاتورة الكهرباء ، الطعام ، الملبس ، والمسكن الخ . من كان دخله منذ عشر سنوات الفين جنيه لا يستطيع اليوم ان يعيش فى نفس المستوى بثلاثة الاف جنية ... ويضطر الجزء الاكبر الى التكسب من التدريس فى الجامعات الخاصة أو العمل الخارجى أو غيره . ويتحول الاستاذ الجليل الى موظف بعض الوقت ويضيع الاستثمار العلمى للأمة فى محاولة مواجهه متطلبات الحياة ... وكما ذكر معظم المتحدثين تغيب امكانيات البحث والتطوير والتقدم ... واتسائل أين موقع اساتذة الجامعات فى خريطة المجتمع المصرى ؟ هل هم لازالوا من الصفوه ؟ ... ماذا حدث ؟ وماذا يحدث ؟ ... فى اعتقادى - وهو ما لا نتحدث عنه - أننا تناسينا مفهوم العدالة الاجتماعية لعدة سنوات وانه حدث تركيز لبعض السياسات الخاطئة – فى غفله من المجتمع وقيادته وممثليه – التى اثرت تأثير مباشر وهيكلى على جموع المجتمع المصرى سواء كانت النخبه أم الطبقة المتوسطة أم الفقراء ... وهذه السياســات قام بها بعض وزراء فى العشرة سنوات الماضية . اثرت تأثيرا مباشرا على ازدياد الفجوة الكبيرة بين الغنى الشديد والفقر المدقع ... فطبقت مفاهيم خاطئة لما ينادى به المجتمع من سوق حر ... وطبق مفاهيم تخصيص الثراء بدلا من تحرير المؤسسات وشفافيه الخصخصه وتوزيع فرص التقدم والثروة ... مع كل بليونير يجب أن يكون هناك عشرة الاف مليونير ومع كل مليونير لابد ان يكون هناك مائة الف كل منهم معه مائة الف جنيه وهكذا ... ومع كل هل يجب أن يكون استاذ جامعة سعيد يبحث عن العلم ويعلمه لابناؤنا بكل عزة وتقدير دون احساس بظلم أو إمتهان ... مفتاح العدالة الاجتماعية هو تمكين الفقراء ... وبعدم هبوط طبقة من مكانتها على حساب فئة محدودة أو طبقة اخرى ... نسيج المجتمع اساسه قضاء شامخ وجنود اعزاء واساتذة ذو كرامة وموظف عام يخدم وقلم شريف يكتب ... لا يشعروا بالاستغلال لحساب البعض وبواسطة البعض الآخر ... وللحديث بقية