جريدة الأخبار – الأربعاء 2 نوفمبر  2005
الخطاب الدينى وعصر المعرفة

الحمد الله لصحوه وطن سيسجل للمصريين وقوفهم صفا واحدا واجهاضهم لشرارة فتنة كان يمكن ان تكون لها اثار سلبيه للغاية . لو حدثت فى مجتمعات أو دول اخرى . اعتقد ان المصريين جميعا – مسلمين ومسيحيين – اعطوا درسا لاصول الوحدة الوطنية التى يؤمن بها الشعب المصرى العظيم . بل اننا بتجاوزنا لاحداث محرم بك بهذه السرعة تعطى مثالا لصلابه وقوة جذور هذا المجتمع مهما حاول البعض تشويه صورته – أو قوة دعائمه – من داخل الوطن أو من خارجه . ولكن السؤال الذى يطرح نفسه الان وبشدة هو ماذا بعد ؟ هل ننصرف الى امور حياتنا وما فيها من صخب فى السياسة والعمل والمجتمع وننسى ما حدث ؟ أم هل تستمع الى بعض – الحكماء الجدد – ونتناسى ما حدث ؟ أم أن تعود الى محيط الواقع الدينى واحواله السائدة فى مصر والمجتمع العربى والعالم من حولنا ؟ … أم انه وجب علينا – نحن المصريين – ان ندعو الى اولا : الارتقاء بالخطاب الدينى ، وثانيا : تطوير المؤسسة الدينية ، وثالثا : تنقيه وتأمين وتحقيق الاتزان للاعلام الدينى على جميع المستويات وفى كافة المجالات .
,br> لقد عشنا فترات طويلة نتجنب ونبتعد عن الحديث فى كل ما هو دينى سواء كان اسلاميا أو مسيحيا ونتج عن ذلك تشوهات دخيله على اصول الدين فى عقول ابناء الامة الواحدة لاسباب معروفة للجميع ومنها (1) سلبيه بعض قيادات المؤسســات الدينية ، (2) الأميـه ، (3) سوء التعليم عامة والتربية الدينية خاصة ، (4) ازدياد الدعوة غير المؤهله للدين ، (5) اعلام وفضائيات تغزو كل بيت وعقل ، (6) الفقر والمعاناه الاقتصادية ، (7) غياب الامل لدى الشباب . (8) الفقر والفراغ الفكرى والثقافى والاجتماعى . ومن الخطورة بمكان السلبيه التى اعتادت عليها قيادات دينية تظهر فقط حين تحدث الكوارث وتعكتف أو تتبع سياسة رد الفعل فقط حين يطلب منها أو تحدث الواقعة … الدين هو عقيدة وممارسة وحياة مستقبل الوطن فى أن يعلم ابناؤه صحيح الدين … والا يترك الى المتاجرين والمرتزقين به . عصر المعرفة ومجتمع المعرفة يتطلب معرفة بأصول الدين الدافع للتقدم وللحياة والرزق والتعاون والتنافس والاحترام والتكافل والتسامح والتطور والانفتاح والتعايش مع الأخرين والسلام والرحمة والموده والشرف والسعادة وغيرها مما ينير بالايمان للواقع ويرشد بالمعرفة الحقيقية المستقبل … كفانا ان نرى نماذج سيئه تشوه الدين وتؤذى الاذن ، كم منا صادفه مرة شخص غير كفء يسئ للدين سواء فى خطاب على منبر دينى – فى زاوية أو نجع وفى قرية أو مدينة – أو على صفحة تدعى ما ليس فى الدين أو فى برامج تبثها الفضائيات أو قنوات التليفزيون … ما يحدث من تزمت وتطرف وارهاب هو ، اولا : نتيجة غياب وتغييب للخطاب الدينى الصحيح والقيادات المثالية ، وثانيا : قصور للمؤسسة الدينية ، وثالثا : الاستغلال عبر سنوات عديدة للاعلام دينيا ، ورابعا : لتقاعس الدولة والحكومات المتعاقبه عن وضع اطار لتطوير الخطاب الدينى والمؤسسة الدينية والاعلام الدينى … اريد ان نضع هذه القضية على الاولويه … دعوتنا للاصلاح فى المجتمع ركائزها الهامة هو الاصلاح للمؤسسة الدينية وتطوير الخطاب والاعلام وتنقيته من الدخلاء والمتاجرين به … واذا كنا لا نسمح بما يخل بالاداب بأن يتداول على الاعلام وعلى صفحات الصحف فعلى المؤسسة الدينية – وهذه ليست مسئولية الحكومة – أن نتدخل بالاسلوب الهادئ والموضوعى للتأكد من جودة وصحه ودقة الخطاب الدينى والاعلام الدينى والاشخاص القائمين عليه ومدى كفاءتهم تنظيما للعشوائية التى تحدث وتدمر فى جذور هذا المجتمع بل ولتجنب احداث مثل محرم بك مستقبلا من الممكن ان تعصف بوطن وشعب وعصر للمعرفة والنور والتقدم … فمتى نرى برنامجا للاصلاح من قادة الاصلاح فى مؤسساته العريقة الاسلامية والمسيحية ، نريد مجتمعا اكثر سلاما وسماحة وحياة اسعد لابنائنا … أساسا لمستقبل أمة ولعصر المعرفة ، لا نريد فقط حوارا بين الاديان وحوارا بين الحضارات ولكن نريده حوارا مع – ومن أجل – الابناء والاجيال القادمة … حوارا مع عصر المعرفة … وللحديث بقية