جريدة الأخبار – الأربعاء 23 مايو  2004
عودة للاصلاح والمعرفة والمجتمع

مازالت لدى راية امل حين انظر الى طفل وطفلة , وحين ارى عملا جاداًوحين ارى انسانا مخلصا , وحين ارى استخداما للمنطق وتطبيقا للعلم وتوظيفا للمعرفة, وحين ارى حفاظا على الثروة من طبيعة ومياه وارض وزرع وهواء ومعادن,وحين يعظم نتاج هذه الثروة فى صناعات وخدمات, وحين يوظف كل ذلك فى اطار واضح من القانون والشفافية والمساواة والتنافس والمتكافئ , يتطلب ذلك عدالة معلوماتية, ونشر دورياً مستمراً لما ينتج من بيانات فى مراكز المعلومات المتعددة دون تقصير, وباستخدام كل القنوات المتاحة لذلك من تليفزيون واذاعة وصحافة وانترنت ... (مجتمع يتقدم هو مجتمع يفكر)... و(مجتمع يفكر هو مجتمع يعلم ويرى) ولايمكن ان يتحقق ذلك دون معلومات وعلم ... وانسان حر يقول كلمة الحق ويقوم بدور بناء فى اطار القانون والشرعية.

ومما هو محير للغاية ويبعث على الاحباط ان هناك عملاً جاداً وتجارب جادة لايتابعها المجتمع ولايسلط عليها الاضواء . ومن جهة اخرى هناك نماذج سيئة بالمجتمع يسلط عليها الاضواء. وكان كل مالدينا هو فى حالة انهيار..ترى من المسئول عن هذا؟وكى لانسرع بتوجيه الاتهام الى اشخاص ... اعتقد اننا جميعا مسئولون عن هذا الانفصام وتوابعه ... نحن المجتمع المدنى, ونحن العاملين فى قطاعاته المختلفة (قطاع الاعمال) , ونحن المكلفين بخدمة وتنظيم علاقات المجتمع ممن يعمل فى ديوان الحكومة او من يحكم فى كل قطاع من قطاعات الدولة , ونحن من نحكم بين الناس وبالقانون ونحن من يحافظ على امن الوطن وشرعيته , ونحن من نربى الاجيال الجديدة.

ترى لماذا حصلنا على صفر فى ملف اعداد بطولة كاس العالم لكرة القدم 2010؟ هل كان لدينا معرفة عن احتياجات البطولة؟ وهل كان لدينا هذه المقومات؟ وهل كان المسئول عن هذا الملف وممثلوه يعلمون ويعرفون (بالمعلومات) مايجب عمله اعدادا وتفاوضا ؟ هلى هى لهواة نظريات المؤامرة اجماع ضد مصر؟ النتيجة صفر تعنى اننا يجب ان نسمع (نوبة صحيان) كمجتمع وان نعرف لماذا حدث ... بصدق وبصراحة ووضوح... وان نعلن اننا سنترك الفهلوه واللامبالاه والتسيب والاداء السيئ ... وسنبدا فى بناء مقومات عصر جديد بالمعلومات والمعرفة... وبالعلم وبالجدية ... والطريق يبدا من مدرسة وساحة شباب وطفل وطفلة يهتمان بالرياضة والتسابق والتنافس والعلم والمعرفة... الضياع الفكرى والمعنوى الذى يمارس تحت اسم الرياضة فى مصر يحتاج الى (ثورة اصلاح)... دون تعليق لمشانق ودون الصاق الاتهامات ولكن بمواجهة الفشل الكبير الذى حدث وبتوظيف العقل والمعرفة والمعلومات توظيفا جيدا... ان ماحدث فى هذه المسابقة يمس اغلى مالدينا... (سمعة مصر)... ويمسها فى الرياضة وفى الاقتصاد والاستثمار والتجارة والسياسة... وفى علاقات المصريين خارجيا... ومعرفتى بما كانت تقوم به جنوب افريقيا فى المرة السابقة وهذه المرة جعلنى اشفق واحزن على ما كنت اسمعه واقرؤه واراه فى اعدادنا غير المسئول وغير واع لهذا الملف... والكارثة ان هناك من اقتنع وصدق تميز هذا الاعداد وفى ذلك خداع لهذا المواطن الغالى... هناك بعض الامثلة المشابهة (الجزء جاد والجزء الاخرغير مسئول) فى بعض جوانب الاداء الاقتصادى المصرى ... فى الخصخصة... وفى مواجهة قضايا الفقر والفقراء ... وفى مواجهة الاعتداء على الارض الزراعية... والاحتكار والسيطرة... والديمقراطية والحوكمة... بعض هذه الجوانب جاد والبعض الاخر مثل الكورة... بالمعلومات والمعرفة... وبسبعين مليون مصرى سنحيد الفهلوة ونتحول كمجتمع راشد نحو الهدف... وبوضوح الطريق... والاسلوب الامثل للوصول الى الهدف... وبالعلم والمعلومات والمعرفة وبكل ابناء الوطن يحدث التقدم وليس بالفهلوة... وللحديث بقية