جريدة الأخبار – الأربعاء 21 يناير  2009
اليوم التالى (5) ... رحيل بوش

فى تقرير نشر حديثا أجمع 81% من كبار المؤرخين أن الرئيس جورج بوش "الثانى" يعتبر اسوأ رئيس فى تاريخ امريكا . وفى اليوم التالى لرحيله والأول للرئيس باراك أوباما والذى سيواجه فيه المشاكل الحادة والكارثية التى تركها بوش تشمل قائمة الكوارث التى تركها بوش ما يلى : الكارثة الأولى الصراع الاسرائيلى – الفلسطينى ... يذكر المجتمع والعالم المحب للسلام كيف عاش العالم حلم السلام فى التسعينات وكيف عاش نكسة السلام فى أواخر التسعينات وأخر حكم كلينتون وكيف كان العالم كله يسارع الخطى حتى آخر لقاء فى كامب ديفيد لتحقيق سلام شامل والاعلان عن دولة فلسطين مستقلة على أرض فلسطين 1967 والفشل المؤسف الذى تسبب فيه قادة اسرائيل وفلسطين فى لقائهم الأخير ... يذكر العالم كيف تجاهل الرئيس بوش المنتخب حينذاك القضية الفلسطينية ورفض التعامل مع واستقبال والحوار مع قادة السلطة الفلسطينية وعلى رأسهم ياسر عرفات بل والضغط الغير واعى على طرف دون الآخر ودون هدف وممارسة سياسة التسويف والتهميش والاهمال والقيم المزدوجة والتحيز السافر لاسرائيل وتشجيع الجمعيات المناهضة للسلطة الشرعية والدعوة الى الديموقراطية فى تجمع فصائل مسلحة بعضها صنفت من قبل بوش بعد ذلك بمنظمات ارهابية مما ساهم فى تعميق الاستيطان وتسويف القضية وزيادة الشعور بالظلم الحاد من قبل بوش والذى أنهى عهده بالصمت على مذابح غزة التاريخية ... أما الكارثة الثانية هى فى تعميق الفجوة الانسانية بين الشعوب والاديان وصراع الحضارات المتعدد الابعاد ضد العرب وضد المسلمين وضد عدو غير مرئى سمى " بالحرب على الارهاب" وحدث ذلك بحدة بعد ازمة 11 سبتمبر وما تلاها من سوء ادارة دولية ومحلية لهذة الكارثة الانسانية والتى هزت العالم بما فيها العرب والمسلمين ... ما حدث بعد ذلك من حملات التشنيع بالعرب والمسلمين وبالدول العربية والاسلامية ومن يسكنها فاقت كل ما كان يمكن تصويره فى الدراما الامريكية بهوليود ... والتساؤل ما الذى يمكن عمله لاعادة صورة العرب والاسلام والسماحة الانسانية بين البشر والسلام الاجتماعى والحوار والتسامح بين دول العالم ... وما هى حجم وتكلفة تسويق ذلك على شاشات التليفزيون الامريكية والصحف الامريكية التى تبارت معظمها فى غرس فكر الانشقاق والارهاب وتحويل معظم امريكا ومطاراتها الى ثكنة عسكرية فى التفتيش والمراقبة والارهاب . أما الكارثة الثالثة فهى العراق وقد يذكر البعض عدة مقالات كتبتها بجريدة الاخبار بدءا من 23 فبراير 2003 بعنوان "اليوم التالى" عن العراق ما سيحدث بعد غزو العراق ... للاسف كله تحقق . من اكثر من مائة الف قتيل وحرب كلفت العالم اكثر من ثلاثة تريليون دولار ودولة دمرت وتتصارع يوميا فى حرب اهمية تحت " ديموقراطية بوش" كان عائدها المعبر لبوش حذاء لصحفى من ابناء العراق الوطنيين ... وستظل تداعيات غزو العراق لعشرات السنين القادمة تؤثر فى خلل اقليمى استراتيجى ومأساة انسانية دولية . والكارثة الرابعة هو سجل بوش فى مجال حقوق الانسان وما اصدره من قوانين وقرارات تحت مسمى الارهاب تعفيه ومن معه من الممارسات الارهابية وتعطيه القوى المطلقة على الارض للتصرف كما يشاء ... فهل سيحاكم بوش بما ارتكبه فى افغانستان والعراق وجوانتانامو ؟ . أما الكارثة الخامسة لبوش فهو فى الكارثة المالية وتوابعها من اعاصير وزلازل ... وعلى الرغم من استلام بوش للاقتصاد الامريكى والعالمى فى قوة كانت احدى انجازات عصر كلينتون إلا أن بوش سلم امريكا باسوأ مؤشرات فى قرن من الزمان . واسوأ بطالة واسوأ ركود عرفته البشرية وانهيار الاسواق المالية عبر الحدود والمؤسسات ... من الرؤساء من بنوا ومن الرؤساء من يهدم ... فى اليوم التالى سيذكر العالم الرئيس بوش ضمن اسوأ من عرفهم فى التاريخ المعاصر ... وللحديث بقية .