جريدة الأخبار – الأربعاء 24 ديسمبر  2014
تمكين الفقراء ... والتنمية المستدامة

هل يمكن القضاء علي الفقر ؟ وهل من الممكن أن يكتب لعصر الرئيس السيسي أنه استهدف القضاء علي نصف الفقر في خمسة أعوام ووضع مصر علي طريق القضاء الكامل علي الفقر في عشرة أعوام ؟ ... تحدي تمكين الفقراء يرتبط بالرؤية والهدف وأسلوب تحقيق الهدف والواقع الفعلي للفقر (وليس النظري) وهي نقطة البداية . توصيف الواقع يشير الي مجموعة من الحقائق : الحقيقة الاولي تشير الي أن فقراء مصر في زيادة حيث وصل المتوسط العام (الرسمي) الي ما يقرب من 30% من سكان مصر وفق مسح الدخل والانفاق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء ... والحقيقة الثانية من الأرقام الرسمية أن عدد الفقراء في مصر يقرب من 30 مليون وعدد من هم تحت الفقر المدقع هم 5 مليون بينما تشير دراسات أخري أن عدد الفقراء في مصر يقترب من 40 مليون وعدد من هم تحت الفقر المدقع ضعف ذلك . الفقر يعرف بعدم القدرة علي توفير الطعام الأساسي والأنفاق علي ضرورات الحياة مثل المسكن والمواصلات أما الفقر المدقع فهو عدم القدرة حتي علي توفير الطعام الأساسي (بالحد الأدني للسعرات الحرارية اللازمة للبقاء علي قيد الحياة) ... الحقيقة الثالثة أن الفقير في مصر يحتاج شهريا لـ 327 جنيها وتحتاج الاسرة المكونة من خمسة افراد الي 1620 جنيها لتلبية احتياجاتها الاساسية بينما من هو تحت خط الفقر المدقع يحتاج شهريا 214 جنية أي 1070 جنية للاسرة المكونة من خمسة افراد وهو مصروفات الطعام بالسعرات الحرارية اللازمة للبقاء فقط دون سكن أو مواصلات أو علاج ... الحقيقة الرابعة أن أكبر نسبة للفقراء هي في صعيد مصر حيث تتجاوز خمسين بالمائة في الريف والقري والنجوع وتصل نسبة الفقراء في محافظة اسيوط الي 69% وقنا 58% وسوهاج الي 55% والاقصر 47% وشمال سيناء الي 46% وخمس سكان القاهرة من الفقراء ... الحقيقة الخامسة أن نسبة الأميه الرسمية في مصر تجاوزت 37% ونسبة من يقرأ ويكتب (دون الابتدائية) هي 30% أي أن ثلثي مصر أمي أو دون شهادة وثبت أن التعليم المنخفض هو أساس الفقر حيث تتناقص مؤشرات الفقر كلما ارتفع مستوي التعليم ... الحقيقة السادسة أن نسبة الفقراء (الرسمية) داخل الحكومة هي 13% ونسبة الفقراء داخل القطاع الخاص هي 21% ونسبة الفقراء خارج المنشآت الحكومية والخاصة 36% أي أن هناك فقراء نراهم يوميا في الحكومة وفي القطاع الخاص ... والسؤال الهام الذي همش عبر أكثر من قرن ، هل سيتم القضاء علي الفقر في مصر أم ان هذا حلم مستحيل ؟ ... والفقر هو نتاج لسياسات وقرارات أقتصادية واجتماعية ، وبيئية وثقافية ، وسكانية وتنموية وعلي وجه المثال مصر ستصبح 178 مليون نسمة في عام 2050 إذا كان معدل نمو السكان 04ر2% (وهو ما كان مفترضا) . أما ما أعلنه الرئيس السيسي عن عدد سكان مصر هذا العام يشير الي أننا ممكن أن نقترب من 200 مليون نسمة في عام 2050 ... فكيف يمكن السيطرة علي الزيادة السكانية إذا لم تكن قضية السكان علي أولويات الحكومات والأنظمة المتعاقبة ... الفقر هو صناعة نحن نصنعها ونتاج سياسات وقرارات لا نقوم بها اليوم ... والفقر ورث تتعاقب الأجيال في تحمله ... !!! لن يتم القضاء علي الفقر فقط بسياسات أطعام الفقراء أو توفير مساكن للبعض منهم أو أي سياسات جزئية أو مسكنه ... ولكن سيتم القضاء علي الفقر بالمواجهة الشاملة والتنمية المستدامة وذلك بتمكينهم وتعليمهم وعلاجهم وبالقضاء الكامل علي الأميه وبتوفير فرص عمل لمليون فقير كل عام في 4770 قرية وبوضع اطار تنموي مستديم لكل قرية وكل محافظة يستهدف تنمية قدراتهم لتحقيق الكسب والدخل اللازم للحياة والتقدم وتحقيق الآمال والأحلام المتجددة لأبنائهم ... القضاء علي الفقر هدف هام آن صياغته في اطار التنمية المستدامة بمزيد من الاستثمار وخلق فرص عمل ستتهدف كل المصريين في سوق حر منافس بقلب اجتماعي وعقل يزداد معرفة وثقافة وبصيرة ...المواجهة الشاملة والتنمية المستدامة تحتاج الي رجال لديهم الارادة والعزيمة والعقيدة والمعرفة للقضاء علي الفقر لمواجهة أهم وأخطر قضايا المجتمع علي الاطلاق ... فماذا سنختار ؟