جريدة الأخبار – الأربعاء 25 ديسمبر
2013
جيل ثائر ... وعصر الإنترنت
|
|
هناك أكثر من 40 مليون مصري ولدوا في الـ 25 عاما الماضية ... يشغلني كثيرا هذا الجيل الجديد من الأطفال والشباب ... يشغلني حاضرهم وما يواجهوه ومستقبلهم وما سيعيشونه ... يشغلني الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي والبيئي الذي يعيشونه ويتعرضون له ... يشغلني جيل من طفولة وشباب لا يبتسم ولا يتعلم ولا يرسم ولا يغني ولا يلعب ... يشغلنـي جيـل يعيش الهدم والانهيار والقتل والانقسام والثورة والحيرة ... يشغلني ما يتابعونه علي الفضائيات والانترنت من فرص وتحديات ، ومشاكل وعقبات وتدمير ودماء ... وأتساءل هل الانترنت لهم نعمه أم نقمه ؟ ... علينا أن نتوقف ونقيم آثار الانترنت الاجتماعية على الأطفال والشباب . في ربع قرن كان للإنترنت آثار كبيرة في أبعاد ومجالات عديدة منها : اولا الزمن : حيث يقضى الجيل الجديد جزء كبير من وقته أمام الشاشة وفى استخدامات الانترنت أما للتواصل مع غيرهم أو في مشاهدة الأفلام أو الترفيه أو في التجول على صفحات مواقع الانترنت العالمية والمحلية ، ثانيا : الاعتمادية : حيث أصبحت الانترنت الأداة التي يتصور الجيل الجديد أن فيها الإجابة علي كل شئ والبديل للتثقف والتعلم والاطلاع والتعمق فيرى فيها الكتاب والمرجع ، ويرى فيها المعلومات عن العلم ، ويرى فيها وسيلة الاتصال مع الآخرين ، بل يرى فيها أصدقــاء البعــض لا يعرفهم . ثالثا : الانفتاح : حيث ينقل الانترنت – دون ضوابط – ما هو بالعالم من ايجابيات وسلبيات ويعرض الأطفال والشباب لتيارات وعواصف تؤثر على تفكيره ونفسيته وتطوره ونضجه وتفاعله . رابعا : الأمن والآمان : الانترنت فتحت كل النوافذ فلم يصبح الإنسان آمنا إلا بقدر يقظته في التعامل مع عالم أصبح العنف هو أحد مظاهره ، والجريمة احد ركائزه ، والشر أحد دوافعه ... وهى مجتمعه تعرض الأطفال والشباب لمخاطر غير محدودة . خامسا : التواصل : أصبح جزء كبير من التواصل الإنساني يتم عن طريق الانترنت وأصبحت المنتديات الاجتماعية الالكترونية أهم من الزيارات العائلية وأصبح الكثير من هذا الجيل يفكر سويا ويؤثر ويتأثر لخطب بمن حولهم فنرى ذوبان الذاتية في الشخصية لكثير منهم وبروز شخصية شبه جماعية للأطفال والشباب فنرى أن لهم اللغة الخاصة بهم والمزاج والهوايات بل نرى أن نظرتهم للحياة مختلفة ومنفردة . سادسا: الصداقات والمعارف : فنرى أنه من تحديات الانترنت أنها سهلت وأتاحت لمزيد من البشر سهوله الانجذاب والانزلاق وما يتبعه من توجهات وانسياق خارج الإطار العائلي والاجتماعي بل في العديد من الأحيان خارج منظومة القيم والأخلاق العائلية . سابعا : الانعزالية : فأصبح جيل الانترنت أكثر انعزاليه عما سبقه من أجيــال وفقدت الأسرة تباعد أبنائها عن الأسرة التقليدية ، ونرى أمثلة كثيرة لما سمى بالحياة الافتراضية فيرى جزء من الشباب والأطفال الحياة كشبكة لا يعرف من بها يتحدث لهم ويتحدثون له ويخلقون سويا حياة هي ليست بالحقيقة ويتفاعلون فيها مثل "اللعبة الكبيرة" فتتحول الحياة من واقع يعيشه ومستقبـل يسعى له إلى لعبة افتراضية بعيدة عن الأهل والعائلة وبعيدة عن واقعه . ثامنا : صراع الثقافات وحوار الحضارات : جيل الانترنت في مفترق طرق بها صراعات ثقافية وحوارات حضارية تأتى كل منها بكل عوامل الشد والجذب . والتقدم والتخلف والانفتاح والانغلاق ، والعنف والسلام . جيل الانترنت هو جيل جديد منفتح على عالم اكبر لم تعرفه الأجيال السابقة ، ينشغل ويتباعد عن العائلة التقليدية وعن المجتمع ، يستنفذ وقته بطريقة تختلف عمن سبقه ، يعرض نفسه – دون إدراك – إلى مخاطر غير محسوبة بل عالم افتراضي به جزء خير وبه الكثير من الشر ... الانترنت أصبحت أداة لجيل ثائر وأمة حائرة ... ادعوكم أن نضع أجندة عمل للبعد الاجتماعي للانترنت .
|