جريدة الأخبار – الأربعاء 21 ديسمبر  2011
الجريمة الكبرى ... وحريق الوطن

من يحرق مصر ؟ ... من يحرق العلم والمعرفة ؟ والنور والتقدم ؟ ... من الذي أحرق المجمع العلمي ؟ وحاول أن يحرق مركز المعلومات ؟ ... والمتحف المصري؟ ... من الذي يحرق ؟ ومن الذي يمول ؟ ومن الذي يدير ؟ ومن الذي يحرض ؟ ومن الذي وضع مخطط تدمير الوطن ؟ ... ومن هو الفائز ؟ ... حريق العلم والمعلومات في المجتمع لم يقم بها غزاة أو أعداء منذ عصر المغول ... وهي بداية لعصور الظلام ... لم أسمع عن وطني أو ثائرا يحرق وطنه في حياتي ... هذه ليست ثورة وهؤلاء ليسوا ثوار ... دماء شهداء 25 يناير بريئة من كل يد تحرق الوطن أو تمس مؤسساته أو رموزه ... دماء شهداء 25 يناير تنادي "سلمية ... سلمية" ... بريئة من كل حجر وكل زجاجة مولوتوف وكل رصاصة توجه إلي مصري سواء كان حارسا للوطن من شرطة أو جيش أو رجل أمن أو سواء كان شابا ينادي بالحرية ... من يحرق ويدفع له مالا يسمي "مرتزقة" في قاموس الصراعات والمعارك ، ويسمي "بلطجة وإرهاب" في قاموس الوطنيين ... ومن ينظم مليشيات مسلحة من أجل هدم الدولة وممارسة صور الحرب الأهلية هم "قيادات تدمير" ... وفي دول القانون "حالة إرهاب وتدمير وترويع" المدنيين والمواطنين المسالمين هي جرائم كبري تصل إلي جرائم الحرب الدولية ... ما يحدث ليس بثورة ... ولكن هي جريمة كبري ضد وطن كان مسالما ... ولم ولن يعود - بهذا المنطق وهذا المنهج - إلي ما كان ... أين مصر السلام والآمان ... أين مصر الطفولة والشباب ... أين مصر النمو والكفاح ... قرأت بالأمس أن المجلس العسكري يصرح بأنه هناك مخطط ومنهج لهدم مصر وجيشها وللسيطرة علي السلطة ... وكنت قد كتبت عشرة مقالات عن مخطط الاستيلاء علي السلطة منذ بداية مارس لهذا العام ... فمن الذي اعد المخطط ؟ ومن الذي ينفذه ؟ ومن الذي يموله ؟ ... سألت وزير الداخلية الأسبق في مؤتمر حضره ما يزيد علي ألف شخص يوم 31 أكتوبر الماضي من الذي هدم سجون مصر ؟ ومن الذي اخرج المجرمين منها في نفس التوقيت ؟ ... سألته من الذي قتـــل ثوار مصر بدءا من 28 يناير ؟ ... سألته من الذي هجم علي أمن الدولة ؟ ومن الذي – ولآنذاك – ينفذ مخطط للوقيعة بين الشرطة والشعب ويلوث سمعتها ويعرقل بناؤه ويشوه سمعته ؟ ... وأتساءل من الذي يحاول أن يفعل الآن بالجيش والقوات المسلحة ما تم فعله مع الشرطة ؟ ... من الذي عبأ الإعلام ضد الشرطة ؟ وافقد الثقة في الأمن والآمان للوطن ؟ ومن الذي يعبأ الإعلام ضد الجيش ؟ هل هذا التدمير الفكري والمعنوي الذي يمارسه الإعلام بالأمس ضد الشرطة واليوم ضد الجيش في صالح مصر ؟ أم في صالح هدم مصر ؟ ... هل هو في صالح الحرية ؟ أم هو في صالح الدكتاتورية ؟ ... في العلوم العسكرية وفي الحروب هناك ما يسمي "التمهيد النيرانى" فهل هذا أشبه بالتمهيد النيرانى لهدم مصر والمصريين من اجل الفتح الجديد ... وهل هذا سيكون فتحا " ديمقراطيا" أو "ديكتاتوريا" ... للأسف مصر التي يحلم بها المصريون ليست مصر التي يحرقها المصريين أو حفنة منهم ... من أجل كرسي في برلمان أو كرسي رئاسة ... مصر التي نحلم بها ... هي مصر السلام ومصر الآمان ... هي أرض التقدم والعمران ... هي نور علم ومنارة معلومات ... هي مناخ حرية ومظلة عدل ... هي روح حب وألفة ... هي تنمية ورخاء ... مصر الجريحة التي تنزف دما هي مصري أنا وأنت لا يمكن أن يحرقها وطني صادق أي كان عقيدته أو فكره أو حزبه ... من يحرق مصر هو خائن ومجرم ضد الوطن ... ويجب علي المجلس العسكري والحكومة – بكل وضوح – إطفاء حريق الوطن ، وقلوب المصريين ... ما أراه علي الساحة هو تدمير منظم وممنهج ومتوالي أساسه غياب الوعي السياسي والحزم القيادي والقلب لاحتضان ثورة المصريين ... من أجل البناء والتقدم والتنمية والرخاء ... والسلام والمعرفة .