جريدة الأخبار – الأربعاء 23 ديسمبر
2009
مجتمعات المعرفة (2)
|
|
الفرق بين التقدم والتخلف هو المعرفة ... الوعى بأهمية المعرفة هو أول طريق الادراك ... والادراك هو بداية لرحلة المعرفة ... ولن تحدث معرفة دون تعليم ولن يحدث تعليم بالتمنى أو النوايا ... مصر وصلت للمرتبة 129 من 134 فى جودة التعليم الأساسى على مستوى دول العالم ... ونحتل هذا المركز لسادس عام على التوالى ... هذه كارثة كبرى ... بل هى كارثة الكوارث ... متابعة ما يحدث فى المجتمع الآن تؤكد حتمية وضرورة التغيير ... القضايا التى ينشغل فيها المجتمع المصرى هى مسلسل للفوضى والغوغائية وغياب الوعى ، وإنحسار النخبة الواعية والمدركة ، وتقدم وسيطرة لمن أوصل مصر لهذا التردى سواء كان فى تداعيات الكرة المصرية أو فى الغوغائية الإعلامية أو فى المهاترات السياسية أو فى تفشى الرشاوى والمحسوبية أو فى تدهور مؤشرات التنافسية للمجتمع خاصة فى قطاعات المعرفة أو فى انهيار البحث العلمى والابداع والاختراع أو فى الاعتماد على الاختراعات والملكية الفكرية التى ترد لنا من الخارج فى دواء وسيارة ومعدات ومصانع وحاسبات ومشروعات غازية حتى القلم الذى نكتب به ... مازالت صناعاتنا تفتقر الى نتاج العقل والقيمة المضافة للعقل لغياب وانحسار الانتاج الوطنى العلمى والبحثى ... أتابع مثل كل المصريين ما يحدث من حراك مجتمعى ودعوات التغيير ... واتسائل هل دعوات التغيير هو دعوات لاشخاص أم دعوات للمجتمع ككل وللشعب ككل ؟ اذا كانت الدعوة لشخص بعينه فلكم دينكم ... وإن كانت الدعوة للشعب كله وللمجتمع ككل فعلينا بالتعليم والتعليم والتعليم ... ولن يحدث تطوير حقيقى للتعليم - ما لم تتحول الى قضية للمجتمـــع ككل ... بــل " قضية القضايا لمصر" مع كل التقدير والاحترام لجهود المخلصين فى الحكومة والوزارات الحالية والمتعاقبة ـ ... والوقت يمر بل ويجرى ومصر تتضائل فى منتجها التعليمى ما حدث فى أكثر من العشرين عاما الماضية هو كارثة لانهيار شامل فى التعليم فى مصر ... والسؤال أين الطريق ؟ ... البداية هو القناعة لكل المجتمع بأن علينا احداث نقلة نوعية للتعليم وللمعرفة به ... ما يحدث فى التعليم والمعرفة هو مثل ما يحدث فى مهاترات كرة القدم ... أساس النقلة النوعية للوطن هو ادراك للتحدى لمواجهته بلغة وفلسفة وروح وعقل حرب اكتوبر وتحديدا ... بأن نتفق جميعا أن مصر ستكون من افضل عشر دول فى العالم فى التعليم فى عشرين عاما ... اذا اتفقنا على هذا فهناك اهداف محددة يجب ان نتفق عليها واستراتيجيات عملية يجب تطبيقها وبرامج ومشروعات يجب تنفيذها ... باختصار جيل جديد يجب بناؤه ... وشعب يتجدد يجب احترامه ... التحول مما نحن فيه من مشاهدا التخلف الذى تعكسه الفضائيات ، أو فوضى المواصلات والنقل والزحام ، أو الفرص الضائعة أو غياب التنافس العالمى ... هو فى مصرى متعلم ومثقف ينافس عالميا باقتصاد للمعرفة وبمنتج وخدمة هم نتاج للعقل ولنرى ما فعلت دول أخرى سبقتنا وتتسابق مع العالم ... فهل هناك ما يسمى بإقتصاد المعرفة ؟ الاجابة نعم والامثلة لذلك هى اقتصاديات فنلندا وكوريا وسنغافورا وايرلندا والولايات المتحدة والهند والصين وكندا ثم فى بعض ما تحاول دول عربية مجتهدة غير بترولية عمله مثل تونس والاردن ... اختيار اقتصاد المعرفة هو اختيار استراتيجى ضمن بدائل اخرى ... واتخاذ قرار بأن نوجه 7% من الدخل القومى للتعليم هو وعى وادراك لهذا التحدى وثورة على فلسفة وأولويات استراتيجيات الخرسانة والحديد والاسمنت ... استراتيجيات التنمية والتعمير اساسها تعمير وبناء الانسان الذى سيقود ادارة وصيانة بناء وتقدم الدولة ... فهل سيصبح المصريون من افضل عشر دول فى العالم تعليما فى الرياضيات والعلوم أم التنمية ستصبح مرة أخرى مثل كرة القدم وصفر المونديال ... وللحديث بقية Alakhbar@hisham-elsherif.com
|