جريدة الأخبار – الأربعاء 3 سبتمبر  2008
الحس القومى ... وادارة الكوارث(2)

تذكرت الدروس المستفادة من حريق مركز المعلومات ودعم القرار عام 1991 وما تم تطبيقه منها وما لم يتم تذكره وكان الدرس الأول هو عدم فاعلية تجهيزات جهاز المطافئ رغم بسالة وفداء العاملين فيه وأنه لولا تدخل القوات المسلحة بدعوة من د/عاطف صدقى آنذاك لحدثت تداعيات اكبر للحريق . وكان الدرس الثانى ان عدد اجهزة الاطفاء فى المحافظات لا يتناسب مع ما يحدث من حرائق وأن اكثر من 21 محافظة فى عام 1991 لا يوجد بها اجهزة الحريق الملائمة والكافية ... وما كان من د/عاطف صدقى إلا انه قام بالتدخل لتلبيه احتياجات المحافظات مرة واحدة ... فهل بعد 17 عاما لدينا جهاز للمطافئ يغطى احتياجات الاطفاء الاساسية كل محافظات مصر ؟ حريق الشورى يشير الى غير ذلك ... لقد عشنا لسنوات كثيرة دون الحد الادنى من الامان فى التعامل مع الحرائق وآن الآوان ان نضع حد لهذا كمجتمع والبداية فرد ، والمسئولية لحكومة تؤمن الفرد والمجتمع ، وتحقق الانضباط العام اللازم لتجنب الحريق مستقبلا وان حدث فالتخفيف من آثاره ... واتسائل اولا : هل لدينا ثقافة التأمين وتجنب الحريق والتعامل معه كأفراد وكمجتمع ... وما هو دور المنزل والمدرسة ومؤسسة العمل والاعلام ؟ ... والدرس الثالث هو فى المواصفات القياسية للمبنى تصميما وتنفيذا فهل به منافذ كافية للخروج عند حدوث الحريق ونذكر جميعا حادث مسرح " محرقة" قصر الثقافة ببنى سويف وما حدث فيها ، وهل مواصفات الاسلاك والمواد والاجهزة تتوافق مع الخصائص الهندسية ؟ اذكر أن الحرائق التى عشتها كان اسبابها سوء التصميم الهندسى وسوء تنفيذ – بل وأهمال – فى تنفيذ الاعمال المدنية للمبانى ... فكم مبنى فى مصر صالح وملائم للمواصفات الحد الادنى لتأمين الافراد ضد الحريق ؟ واين تقع المسئولية ؟ عند اعادة بناء مركز المعلومات ودعم القرار لم أجد مرجعا واحدا لدى أى جهة فيها مواصفات مبنى فقمت بالاصرار على وضعها وقام مشكورا فريق متفانى على ارفع المستويات العلمية والعملية منهم السادة أ.د. محمد شاكر المرقبى بوضع المواصفات القياسية لاول مبنى من نوعه فى مصر والمهندس/عمرو عمر واللواء مهندس/ممدوح السعدنى (رحمه الله) والسيد/سمير علام وفريق عمل معه ومهدس/خالد الشمرلسى والمهندس/محسن عبيد وشارك مع هذا الفريق د/احمد نظيف ... واتذكر أنه تم وضع مرجعا كاملا للمواصفات للمبنى وتم ايضا وضع مرجعا – بناء على طلبى – لكيفية استلام المبنى بل لتحديد دقيق للمواصفات وحتى للالوان لكل نوع سلك وماسورة لاول مبنى عصرى ذكى فى الشرق الاوسط تم اعادة تنفيذه بعد الحريق فى عشرين شهرا بعقول وسواعد مصرية منذ سبعة عشرة عاما وتم استلامه بمرجع (بكتاب) لكل جزئيه فيه وبل تم بناء نظام تحكم آلى – بشباب مصرى – وبتكلفة بسيطة للغاية يشير اذا حدث عطل فى مصباح أو حجرة للتدخل الفورى ولتأمين لكل غرفة بالمبنى ... وبعد سبع اعوام حدث حريق بعمارة كنت اسكنها واخرجت ابنتى وعائلتى من حريق مروع يوم 8 نوفمبر 1998 وكنت يومها عائدا من افتتاح مائة وثمانية مركزا للمعلومات ودعم القرار بمحافظة البحيرة واكتشفنا مرة اخرى عند اعادة البناء والتأهيل سوء المواصفات وسوء التنفيذ ... فهل يمكن ان تقوم الحكومة بتطبيق سياسة التصنيف وتأهيل المبانى الحالية للسكن والعمل ضد الحريق ... وهل يمكن ان نتأكد أن مكاتب التصميم الهندسى وجهات الترخيص والاشراف تطبق الاكواد العالمية الاساسية للتأمين ؟ وهل يمكن للمطورين والمقاولين الالتزام بذلك والاعلان عنه ... وسيعلوا صوتا اسمعه بأولوية هذا خاصة ان خمس سكان مصر يعيشون فى عشوائيات ومبانى غير صالحة ادميا ...تأمين الانسان المصرى هو أساس التحضر ... وانتفاضة الحس القومى عند كوارث العبارة وقطار الصعيد وحريق الاوبرا وبنى سويف ومجلس الشورى هو نتيجة مباشرة للفجوة بين ما يحدث وبين ما يريده ويشعر به المصريون ... فهل نستطيع تجنب المزيد من الكوارث والازمات ... تساؤلات المصريين لازالت بدون اجابة عن ما يحدث من حوادث واسباب حدوثها وتكرارها والقصور فى التعامل معها والخسائر المادية والمسئولية التى لا يمكن تعويضها والاعلام المسئول عنها ... هناك اسلوبين للتعامل مع الكوارث اولها الجاد لتجنب حدوثها مرة اخرى، والثانى بتركها للزمن فينسى الشعب ، ويتناسى المسئول ، ويتضائل الحس القومى ... الى ان يصحو مرة اخرى ... وللحديث بقية