جريدة الأخبار – الأربعاء 17 ديسمبر  2008
قرى المعرفة

قرية المعرفة هو عنوان لمائة قرية أتمنى أن يراها أولادنا واحفادنا عام 2050 فى مصر ... قرية المعرفة هى جامعة عالمية يتنافس أبناء العالم ومصر على دخولها مثل معهد الادارة الهندى بأحمد آباد والذى استطاع فى أقل من 30 عاما أن يتفوق على جامعة هارفارد العالمية (فى مجال الادارة) فى متطلبات الدخول لها ... بل أتمنى أن يكون بكل محافظة نماذج لجامعات والمعاهد الهندية - خاصة فى المجالات التقنيه والادارية – مثل ما هو موجود بحيدر آباد ومومباى ودلهى وبنجالاور وغيرها ... فى عصر ساسة مثل نهرو وقادة اعمال مثل ميكرم سارباى وتاتا وغيرهم تم وضع الاساس لما اصبح الان 8407 جامعة (نعم اكثر من ثمانى الاف جامعة !!) هل يمكن أن يكون بمصر نصيب متكافئ لعدد وجودة جامعات الهند ؟ بل وأمريكا ؟ لازالت أدعو لبناء نماذج لجامعات هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وستانفورد وبرينستون ويال وجون هوبكينز واينسياد وغيرها بمصر ... ترى هل سيتحقق اساس البناء الجاد لمثل هذه الصروح ... مستقبل مصر والاجيال القادمة هو فى (1) تعليم متميز ، (2) وبحث علمى يسجل ويضيف عالميا ، (3) وفى براءة اختراع تخرج منه أو ملكية فكرية تنتج عنه ، (4) وفى صناعات تنتشر تستخدم نتاج العلم فى دواء وفى منتجات ، فى ملبس وفى مسكن ، فى طاقة وفى وسيلة حركة ... الخ ، (5) وفى فرص عمل تتبنى طبقة ومهنيه علمية وفاعلة وقادرة على التنافس العالمى وتحقيق الدخل وتنمية مجتمع ، والترقى بالعرق والجهد فى طريق الثراء والرخاء ، (6) وفى اقتصاد وقيمة مضافة تتحقق ، (7) مجتمع يستنير بالعلم والمعرفة رشدا ونورا يدفع الضلالة ودعاوى الظلام ودعاة العنف والجهل والتطرف ، (8) وفى مناخ ينشر ثقافة السلام والبناء والتقدم بالعلم والمعرفة .

مستقبل مصر هو ليس فقط فى زراعة حديثة مطلوبة ولا فقط فى صناعة تصديرية تنافس بميزة تنافسية مؤقته أو فى بترول وصادره ومخزونه محدود مهما كبر ... مستقبل مصر هو فى علم وبحث علمى يشع للوطن والعالم كله ... والسؤال هل من الممكن أن تكون مصر من أفضل عشرة دول فى العالم علميا وتقنيا مع عام 2030 ؟ واذا كان الاجابة لا فهل ممكن ان يتحقق ذلك مع عام 2050 ؟ من يقول لا عليه أن يدرس ما تحقق فى اسرائيل منذ انشائها !! ... وما تحقق فى اليابان والمانيا منذ الحرب العالمية ... وما تحقق فى الشرق فى سنغافورا وماليزيا والهند والصين ... وما تحقق فى السويد والنرويج والدانمارك وفرنسا بالطبع لن يتحقق هذا التقدم المنشود – ونكون من افضل عشرة دول - بالمستوى المتواضع للتعليم الحالى فى المدارس والجامعات أو بالتفاؤل السطحى لمنظومة التعليم فى مصر الذى نعانى منه الوطن عبر عهود عديدة ... ولكن سيحدث فقط حين نفكر باحداث نقلة نوعية كبيرة ... تاريخيا حدثت نقلات نوعية كبيرة فى مصر ومجتمعات أخرى اذكر منها فترة محمد على فى مصر وما تلاها ، وفترة بناء الجامعات الكبرى فى الولايات المتحدة ومفهوم الارض للتعليم والمعرفة والذى اعطى لكل جامعة بكل ولاية (محافظة) الآف الافدنة ، والهند وبنائهم بالتعاون مع قيادات المجتمع جامعات وطنية واهليه (ليست خاصة) هى نماذج عالمية الآن ، وقطر وما شيدته من نماذج لخمسة جامعات عالمية تدرس فى الدوحة للعام الثالث على التوالى ، والسعودية وتبنيها لبناء معهد يضاهى الـMIT الجديد ويشرف عليه علماء مصريين ... هل يمكن صياغة حلم مشترك لمشروع قومى لمصر لاعادة بناء أمة علمية متقدمة ... تعليم وتدريب وتقنية وثقافة ... وللحديث بقية