جريدة الأخبار – الأربعاء 14 نوفمبر  2007
برميل النفط بمائة دولار

قفزت أسعار النفط بسرعة وتقترب من حاجز المائة دولار للبرميل حيث تعدى الـ 98 دولار للبرميل فى عدد من التعاملات أمس الأول . ويجمع المحللين أن سعر برميل النفط سيتجاوز المائة دولار وهو ما كان يعتبر من السيناريوهات بعيدة الاحتمال من سنوات قريبة ... ثم ازداد طرحه بعد الحروب والنزاعات من العراق الى الاكراد ومن جهة اخرى الطلب الشديد على النفط نتيجة للثورة الصناعية الثانية للصين ودول اسيا بالاضافة الى النمو المستمر للاقتصاد العالمى وعدم سرعة توفير مصادر بديله آمنه للطاقة .

هذا الارتفاع الشديد لاسعار النفط مما كان عليه الى حاجز المائة دولار يغير العالم الذى نعيش فيه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . فماذا اعددنا ونعد لمواجهة تحدى جديد وعام جديد ؟ . والحمد لله أن مصر لديها سياسة ووعى وتتعامل مع المتغيرات الاقليمية والدولية بصورة مستمرة بل جيدة وقراءة حول تطور السياسات والاستثمارات فى مجال الطاقة ونذكر بكل اعزاز القرار المصرى للرئيس حسنى مبارك بشأن الدخول فى مجال الانتاج السلمى للطاقة النووية والذى يشير بوضوح الى وضع الطاقة فى اجندة العمل القومى بل والامن القومى المصرى بمفهومه الشامل السياسى والاقتصادى والاجتماعى . واشعر كمواطن بارتياح لحزمة السياسات والموضوعات التى يتم التعامل معها بجديه فى مجال الطاقة والكهرباء فى مصر سواء فى مجال الاستثمارات أو فى مجال الانتاج واتمنى ان يتم تناول ملف الاستهلاك بنفس الجديه . وعالم المائة دولار للبرميل سيختلف عما سبقه حيث تختلف مرة اخرى خرائط الغنى والفقر بين الدول والشعوب والشركات والافرار ... وبديهى ان المال الجديد سيسيطر على توجهات عالمية واقليمية ... وارتفاع سعر البترول يغرى بالسيطرة على مصادره إما مباشرة مثل ما حدث ويحدث فى العراق وإما بصورة غير مباشرة عن طريق ادخال مناطق ودول فى صراعات أو فى احتمال (وهم صراعات) جديدة وما يرتبط بكلاهما من شراء اسلحة ومعدات تستنفذ جزء من الفوائض ويستنفذ جزء آخر فى حماية واستقرار حكم دول أو فى تداخلات من المصالح المشتركة تزداد وتزداد قيمتها مع زيادة سعر البترول ... وبالمثل امثلة اقتصادية نراها فى مصر فى موجات الاستثمار العربية للفوائض الكبيرة للسيولة النقدية الناتجه عن زيادة اسعار البترول بل فى انعكاسات ذلك الاقتصادية والاجتماعية على التنافس الحقيقى والحر الذى نسعى له فى اطار من القواعد الموحدة والعادلة للقدرات الوطنية امام الفوائض العربية وفى أطر الشفافية والعدالة فى تشجيع المستثمرين . فوائض البترول تغير وستغير من الخريطة الاجتماعية ايضا خاصة بين الغنى والفقر ... وبين المال والعلم ... من لديه سيستطيع ان يحصل بقدر اكبر عمن ليس لديه ... يشغلنى تاريخيا الارتباط بين العدالة الاجتماعية والتكافؤ وبين سيطرة رأس المال وتأثيرها ... وعلى الرغم من كونى من أشد المؤمنين بالاقتصاد الحر والداعين له ولكنى ايضا من اشد المؤمنين بالتكافؤ والعدالة الاجتماعية ... واتسائل عن الاقتصاد الحر فى وجود وفره وطفره سيولة مالية بترولية وفى غياب معلومات وشفافيه وتكافؤ ... وهل سيستطيع المجتمع ان يقف امامها ؟

حاجز المائة دولار هو دعوة للتفكير الجاد مع حكومة مصر كاصحاب رأى ومواطنين وموظفين وعمال وفلاحين ورأس مالية وطنية ومراكز ابحاث ... وعن واجبنا ودورنا فى عصر يزداد فيه سعر الطاقة بجنون . فهل يصح لان تتضاعف فاتورة الدعم للغاز والطاقة ؟ وهل يصح ان يدعم الفقير الثراء الصناعى فى صناعات كثيفة الاستخدام للطاقة ؟ وهل يصح ان نزيد من استخدام السيارات الخاصة امام سيارات النقل العام والمشاركة فى الانتقال بين العاملين ... الخ ، هذه موضوعات لاجندة كبيرة لدور المصريين وحوارهم نحو الحاضر والمستقبل فى عصر قفز فيه سعر البترول الى حاجز المائة دولار ... وللحديث بقية