جريدة الأخبار – الأربعاء 26 ديسمبر  2007
مسلسل الكوارث

انهيار عمارة من 13 طابقا فوق سكانها بالاسكندرية هو اضافة لمسلسل دورى للكوارث نتابعة فى المجتمع المصرى وعبر وسائل الاعلام المقرؤه والمسموعة . واخشى أن البعض منا بدأ يشعر ان الكوارث هى جزء من حياة هذا المجتمع سواء كان ذلك فى حادث غرق شباب مصر فى البحر المتوسط امام سواحل اليونان وتركيا وايطاليا (شباب الهجرة الغير شرعية) ، وحادث المعدية بالمنيا ، أم بحادث سائق مترو الانفاق خط حلوان أم بعمارة الاسكندرية أو بغرق العبارة (السلام) أو بقطار الصعيد .

واتسائل عن عمارة لوران بالاسكندرية تحديدا هل هناك من يفسر بناء عمارة دون ترخيص وتركها لمدة 25 عاما دون اثبات صلاحيتها من عدمه ؟ من المسئول عن هذا صاحب العمارة أم الجهة الادارية أم الاستشارى أم المقاول ؟ والسؤال الاخر كم عدد العمارات والمبانى الموجودة بالاسكندرية وبكل المدن المصرية دون تراخيص ؟ وماذا فعلت الحكومات المتعاقبه طوال خمسين عاما لحل هذة المشكلة ؟ وهل تم طرح حلول تنفيذية لها بأى من الحكومات المتعاقبه ؟ أم أن ما هو صعب سياسيا أو عمليا علينا تجنبه ؟ حتى لو كان خارج على القانون أو يؤثر على ارواح ... ومن هو المسئول امام الله فى هذا الحادث ؟ وفى الحوادث الاخرى .

مسلسل الكوارث هو انعكاس للمجتمع وما يحدث فيه من سلوكيات ونظام عام أو بلغة الميرى من ضبط وربط . الكوارث هى انعكاس للتسيب والجشع والفساد وغياب المعايير والجودة والانضابط والصيانة ... الخ . حادث عمارة الاسكندرية يطرح عدد من التساؤلات حول المعلومات والتصميم والاختبارات والتنفيذ والاشراف والتصاريح من جهة ومن جهة اخرى جودة تطبيق الاساليب المهنيه والمبادئ الاخلاقية المتعارف عليها فى مجالات التشييد والبناء وعن دور الجهات المانحه للتصاريح والجهات والمكاتب الاشرافية وعلى قواعد وكود البناء والصيانة وغيرها مما نكرره مع كل حادث يحدث سواء فى انهيار مبنى أو حريق آخر ... فهل هناك مرجعيه حقيقية للمبنى والسكن ومكان العمل فى مصر من حيث البناء أو الصيانة . هناك الكثير الذى يعتقد بأن هناك فراغ فى داخل المجتمع للنظم اللازمة لهذا المجتمع لعمله واداءه وضبطه وربطه ... فليس بالقوانين والقرارات فقط يتم التقدم ولكن بالاطار الذى يصاغ لعمل هذة القوانين والنظم المرتبطه بها يتم تقدم المجتمع . هناك من يرمى المسئولية على صاحب العقار وآخر على المقاول وآخر على المحليات وآخرين على الحكومة ... وهناك من يعتقد – وأنا منهم – انها مسئولية مجتمع بالكامل . نريد نوبه صحيان لهذا المجتمع لتحقيق نقله تغير ما نشاهده من قنوات الكوارث والعنف الى نافذة الامل والتقدم . ولا يمكن ان يحدث ذلك دون أن يستند الى أسس العمل وأسس التصميم وأسس التنفيذ والتشغيل والصيانة . واتسائل هل تمت الاجابة الكاملة على حوادث القطارات والعبارات وانهيارات المبانى والغرق ... وبماذا نفسر تكرارها بصور مختلفة . نريد ان نغير فى فلسفه واسلوب التناول للكوارث بحيث نتجنب تكرارها وحدوثها وهذا يتطلب جهدا فائقا من الجهد لاننا نواجه مجتمع تسبب فى هذه الكوارث . ترى هل يمكن ان نتجب حادث غرق شباب يسعى للسفر الى اوروبا مرة اخرى ؟ وهل يمكن تجنب انهيار مبنى جديد ؟ وهل يمكن تجنب غرق عبارة مرة اخرى أو حادث قطار آخر؟ ... كل مجال وكل موضوع يحتاج لفتح ملفاته كاملة وتحديد اطار جديد لمجتمع متحضر يأمن فيه الانسان وعائلته مما حوله ... المسئولية مشتركة بين الحكومة ومؤسسة تشريعية واعلام وقطاع اعمال ومواطنين ... للبعض ملف الكوارث يجب ان ينتهى وللبعض الآخر علينا ان نقلل من عدد ونسبه ما يحدث للمصريين ... وللحديث بقية .