جريدة الأخبار – الأربعاء 4 يوليو  2004
جائزة الفقراء

في احتفال كبير منحت أحدث وأكثر جائزة للمعلومات والتنمية لبنك جرامين من بنجلاديش لاستخدامه لتقنيات المعلومات والاتصالات لمساعدة الفقراء ، وخلق فرص عمل خاصة لأكثر من 60 ألف امرأة كل منهن ممثلة لسيدة أعمال في قرى بنجلاديش وهي من الدول الأكثر فقراً في عالمنا المعاصر . وقام بتقديم الجائزة تجمع يقوده البنك الدولي وحكومة شمال الراين الألمانية وكبرى شركات الاتصالات والبرمجيات في العالم ويدعى له قادة وشركاء ورواد للتنمية وهذا هو العام الثاني للقاء والأول للجائزة . وقد عقد الاحتفال على جبل مرتفع ببلدة بترسبرج بالقرب من كولن وبون . وبترسبرج هو مكان الأحداث العالمية وكان آخرها اللقاء الشهير لاختيار وتمكين وتوحيد الحكومة الأفغانية ورئيس حكومتها وكما ذكرت من عدة أسابيع لقد اتخذ القرار النهائي لاختيار الفائز من المرشحين عالمياً في لقاءات لجنة التحكيم في القاهرة باستضافة المركز الإقليمي لتكنولوجيا المعلومات . وفي حرم مكتبة الاسكندرية حين اتخذ القرار النهائي بسرية يوم 29 يونيو الماضي وبتقديم من رئيس جمهورية بوليفيا السابق وبحضور عدد من رؤساء الحكومات والوزراء والقيادات العالمية قدم رئيس البنك الدولي جيم ولفونسون للجائزة الأولى لـ " تليفون القرية " و" للسيدات الهواتف " وهو مشروع يقوم به بنك جرامين للمساهمة في تحول الفقراء من السيدات من الأعمال التقليدية لتربية الدواجن ورعاية الماشية وبيع الخضروات وجني المحاصيل والأعمال البدائية الى المساهمة في بيع خدمات الاتصالات وهي فكرة هوجمت في بدايتها لأن معظمهن – إذا لم يكن كل هؤلاء السيدات لم يرين تليفون او يستخدمن كهرباء في حياتهن بالإضافة إلى الأمية المنتشرة بينهن .. وهذا النجاح المذهل في نظري هو لعدة عوامل ، اولها لفلسفة بنك جرامين وقيادته محمد يونس . وثانيهما بالإيمان بأن الفقراء قادرون على العطاء حين يعطون الفرصة ، وثالثها أن الفقراء أذكياء حين يمكنون من خلال مشروعات جادة ، ورابعها أنه يمكن تحويل سيدات عوائل الى " سيدات أعمال " في عمق وقاع المجتمع ، وخامسها ان التنمية هــي فكر " مبتكر " وتطبيـق متكامل ونتائج تقاس . وإذا كان 80% من قرى بنجلاديش يتم خدماتها من خلال مؤسسات سيدات الأعمال والهواتف . فإن عددهن سيصل الى مائة ألف . ويصل عدد المشتركين في الخدمات المقدمة من خلالها الى 1.7 مليون مشترك تمثل 3% من المشتركين بالهواتف في بنجلاديش الآن و15% من زمن الاشتراك ودخل شركة المحمول هو لبنك الفقراء في بنجلاديش والتي توفر القروض للفقراء خاصة المرأة والتي تمثل 95% من المقترضين والذين وصل عددهم الى 3.5 مليون مقترض يصل إجمالي ما يقترضونه سنوياً الى نصف بليون دولار ومعدل سداد القروض في موعدها الى 99% وتجربة بنك جرامين للفقراء هي إحدى عشرة تجربة وصلت لنهائيات الجائزة وسيقوم البنك الدولي بتوثيق ونشر الأعمال المرشحة النهائية على الانترنت وذلك كي يستفيد العالم منها .

والسؤال الذي يطرح نفسه هل هناك مجالات لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التنمية ؟ وفي خلق فرص عمل ؟ وفي المساهمة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي ؟ وفي محاربة الفقر ؟ وفي توظيف وتوطين التكنولوجيا في جذور المجتمع ليس للاستهلاك فقط ولكن للإنتاج وللانتاجية ؟. هل يمكن دخـول الفقراء وهم " العدد الأكبر " في داخل التوجهات الرئيسية لاقتصاد المجتمع ؟ ومن هم وأين هم ؟ وهل يمكن إعادة إعداد ونشر خريطة تصف بالمعلومات الواقع الاقتصادي والاجتماعي وحالة الفقر فيه في كل مدينة وقرية وعلى كل محافظة ؟ وما دور التعليم والتدريب في الخروج من حاجز الفقر والتفتح لأسواق محلية وإقليمية وعالميــة ؟ وهل يمكن أن تساعد التقنية المرأة وتساهم في خلق " سيدات أعمال " القرى المصرية حيث أنها الأم والأخت والأبنة ... وهي المجتمع ؟

هذه بعض من خواطر اشارككم فيها مع ما لديكم من أفكار وأمال ... والى عمل جديد ... ولعل في تجربة بنك الفقراء ما يمكن أن نستفيد به .