جريدة الأخبار – الأربعاء 28 ديسمبر  2003
تحديات مجتمع المعرفة … الاتصالات والخدمة الشاملة (2)

تحدثنا عن الخدمة الشاملة واهميتها في الاسبوع الماضي وهي ببساطة تعكس مبدأ التكافؤ في التنمية والمسااوة في الحصول علي الخدمات الاساسية ومنها الاتصالات والخدمة الشاملة تعني بتوفير الاتصالات وتوفير بنية المعلومات لكل افراد المجتمع خاصة غير القادرين علي تملك وسيلة الاتصالات (تليفون) او حاسب او انترنت ، ولايعني عدم القدرة علي التملك ان ينقسم المجتمع الي من يملك ومن لايملك .. وقد سعت جميع الدول المتحضرة ومنها مصر لاقرار مبدأ الخدمة الشاملة وتسعي لها جاهدة وفق الامكانيات المتوفرة ، وقد نجحت مصر- من قبل- في الكهرباء والاعلام وهي ايضا نموذج ناجح في الاتصالات .ولكن طبيعي ان تكون طموحات المجتمع كبيرة نتيجة سرعة المجتمعات المتقدمة تكنولوجيا فيضع ذلك ضغوطا مستمرة علينا لاستكمال بنية الاتصالات واتاحتها لكل مواطن من ال 70 مليونا – وهناك نجاحات يجب تسجيلها – ويمتد هذا الي ادخال المجتمع الي عصر المعلومات ولمصر مبادارت رائدة في العشرين عاما الماضية.

وتهدف نشر وتطبيق الخدمة الشاملة الي : (1) تحقيق التقدم الاقتصادي وخلق مجالات عمل جديدة وفرصة للدخل لجميع المواطنين بما يشمل ذلك المناطق الاكثر حرمانا والمناطق النائية. (2) التكامل والتواصل الاجتماعي بين افراد المجتمع وبين افراد الاسرة الواحدة والمعارف والاصدقاء. (3) تحقيق المشاركة العامة بما فيها المشاركة العملية والسياسية لافراد المجتمع. (4) نشر المعرفة وتكوين المهارات والقدارت الذاتية. (5) التعليم والتدريب بمفهومه العصري المشارك (وليس الانعزالي). (6) توفير الخدمات الاجتماعية مثل الخدمات الصحية وغيرها التي تساعد في رعاية وتحسين الخدمات للمواطنين.

وتشمل تحديات توفير الخدمة الشاملة والتي تتطلب سياسات للتغلب عليها مايلي : اولا : قدرة المواطن والاسرة علي الحصول علي وسيلة اتصال في حدود امكانياته المالية وقدراته الاقتصادية . فلا يمكن للمواطن غير القادر اقتناء تليفون او حاسب بالاف الجنيهات او دفع فاتورة بمئات الجنيهات اذا كان من دولة فقيرة او محدودة الدخل بينما يمكن ذلك بسهولة اذا كان من دولة ذات دخل كبير وهنا ارتباط كبير مترابط بين الدخل والقدرة علي الاتصال. فالاتصالات تساعد الدول الغنية او القادرين وتزيدهم تقدما بينما يكون عدم امكانية الاتصال عائقا امام الفقراء والمحرومين فيزيدهم فقرا وحرمانا ... ويساهم ذلك في فجوات الاتصالات ثم في فجوات المعلومات والانقسام الرقمي وتبعياته الاقتصادية . ثانيا: التغطية ويقصد بها في مفهوم الخدمة الشاملة درجة تغطية الشبكة اجتماعيا وجغرافيا لكل المجتمع ... فهي مثل شبكة الكهرباء هل تصل الي كل المجتمع وهي مثل شبكة المياه هل توفر مياه طبيعية لكل اسرة.. والتغطية تشمل المناطق المحرومة والمناطق الفقيرة والمناطق النائية. ثالثا: التوعية للمستهلك والمواطن حيث اتضح اهمية تعريف وتعليم افراده بالخدمات الجديدة وكيفية حصوله علي الاستخدام الاقتصادي للخدمات المختلفة . رابعا: توافر وجذب الاستثمارات والموارد اللازمة لتحقيق الخدمة الشاملة تحدي اخر فهذا يتطلب مناخا اقتصاديا جاذبا وتنظيما شفافا وعادلا لقطاع الاتصالات من خلال مرفق يشرف علي القطاع غير منحاز ويحمي المستهلك ويحمي الحق ويحمي الضعيف ويازن بين الخاص والعام لمصلحة المستهلك ولتحقيق عائد اقتصادي للمستثمر سواء كان عاما او خاصا دون تمييز او تحيز او تخصيص وكما ذكرت سابقا فقد خطت مصر خطوة كبيرة بقانون تنظيم الاتصالات وبمرفق الاتصالات والذي يتم بناؤه عصريا. خامسا: الاحتكار وهناك جهودا محسوسة بدأت للتغلب التدريجي عليه في مصر ... هذه بعض التحديات للتوسع في الخدمة الشاملة ويبقي اكبرها علي الاطلاق هو قدرة ابناء المجتمع بالكامل علي التقدم الاقتصادي والاجتماعي بتوظيف قاطرة الاتصالات والمعلومات للاسراع بتحقيق التنمية المنشودة ... وقياس هذا التقدم من عام الي عام اخر وهذه ليست بقضية وزارة اتصالات او حكومة تقنيةالتوجه ولكن هي قضية مجتمع يعي ويرغب ويعمل علي تحقيق التقدم ... وللحديث بقية