جريدة الأخبار – الأربعاء 9 سبتمبر  2001
المعلومات وطريق مصر المستقبل

المعلومات تنمية واسراع بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية . بالتنمية تتحقق أحلام الوطن وأبناؤه ، ويتفق المصريون – مهما اختلفت أراؤهم أو مذاهبهم السياسية والفكرية – على أننا نأمل أن حياة أبنائنا تكون أفضل ممن سبق وترجمة هذا عملياً هو زيادة في دخل الفرد وزيادة في الناتج المحلي الإجمالي ، ومعادلة التنمية هي قدرة وتوفر الموارد الأساسية وتوظيفها التوظيف الأمثل وتشمل " الإنسان " رأس المال " موارد طبيعية وأولية " المعدات والالات " المعلومات " ... في مناخ دافع ومؤسسات فاعلة ... سؤال هام وضروري ، ما هي صورة مصر التي يريدها المصريون في عام 2005 وعام 2010 وعام 2020 وعام 2030 ، المعلومات ضرورة هامة للإجابة عن هذا السؤال فقد ثبت بالفعل أنها عامل رئيسي لأي تنمية بل هي العامل الثاني بعد الإرادة والتصميم في تطوير لأي مجتمع او مؤسسة أو شركة .

بالمعلومات نحدد اين نحن من خلال صورة حقيقية للواقع بما فيه من ثروات وإمكانات . فرص وتحديات ، مشاكل وعقبات ، والحمد لله قد تم في 15 عاماً وصف مصر بالمعلومات من خلال 1500 مركز معلومات حددت لمصر ولكل محافظة ومدينة وقرية معلومات دقيقة وتفصيلية عن السكان والأرض واستخداماتها وقوة العمل والبطالة والزراعة والصناعة والإسكان والتعمير والتعليم والأمية والصحة والخدمات والتموين والشباب والرياضة والثقافة والبنية الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء واتصالات ونقل والسياحة والجمعيات الأهلية والأمومة والطفولة ومراكز المعلومات .

وبالمعلومات أي طريق تسلك لتنمية الواقع بصورة عملية والبدائل المختلفة المتاحة في اطار الامكانات المحدودة ... وقد ثبت بالفعل أنه بدون فكر وعقل وتعبئة لأهل الفكر والعلم والعمل تكون هناك ما يسمى بالفرص الضائعة أو احتمال توظيف الامكانات المحددة في غير أنسب المجالات أو التوجهات . وتزداد الخطورة حين يقوم فرد بذلك حيث ثبت أنه مهما كان ما لديه من علم او إخلاص فإن للمعلومات والعقول دور رئيسي في تحديد أنسب الطرق وفي دولة المؤسسات يتعاظم اهمية تشجيع دور مراكز المعلومات ودعم القرار والمجالس القومية المتخصصة والمراكز والمعاهد البحثية العامة بل والخاصة والجامعات ومعاهد البحوث والمكاتب الاستشارية الوطنية بل والعالمية والاستشاريين بل وأيضاً الخبرات المتراكمة للمنفذين وقيادات العمل الوطني العام والتطوعي للاستفادة من كل عقل وكل عمل وكل تجربة سواء كانت إيجابية أو سلبية . المطلوب هو وثيقة لمصر الجديدة للعشرين عاماً القادمة هي عقد مع أبنائنا وعقد مع الوطن أساسه المعلومات لمجتمع المعلومات . هناك تجارب رائدة مصرية وعالمية يجب الاستفادة بها مثل ما تم في السبعينات لاعداد خطط قطاعية Master Plans ابرزها قطاع النقل والمياه ونماذج آسيوية مثل ما أعد في سنغافورة وماليزيا في الثلاثين عاماً الماضية وأذكر ما استعرضه مساعدو رئيس وزراء ماليزيا لنا هناك – بل في القاهرة – عن تطور ما قاموا به من خطط خمسية ثم خطط تأشيرية ثم مبادرة 2020 الشهيرة وكذا غرفة العمليات التي انشئت بمجلس الوزراء لمتابعة تنفيذ هذه الخطط يومياً في مراحل التحول من اقتصاد مركزي الى اقتصاد حر . نحن بحاجة الى خطط عمل تنبع من عقول ابناء مصر وتقوم الحكومات والوزراء بالإشراف على تنفيذها وصياغة السياسات الواضحة – غير المتغيرة – لتشجيع الاستثمارات الخاصة في معظمها – والعامة فيما لا يقدر عليه الخاص بوضوح وبموضوعية ولا يخضع التنفيذ للأهواء أو المحسوبيات ... لدينا رصيد رائع في تجربة التحول في الثمانينات وأوائل التسعينات وكنا في ظروف أصعب في مطلع الثمانينات مطلوب خطة بالمعلومات تصاغ وتعلن تعبئة همة للمصريين تعيد دفع واستكمال لاصلاح مصر الاقتصادي ... وإنطلاقة مصر للأمام ... ولم يفت الآوان بعد .

وللمعلومات والنظم والعقول الدور الرئيسي في بناء وتطوير المؤسسات القادرة على إدارة العمل كحكومة قوية . وقطاع خاص ناجح ومنافس ومواطن حر وشريف يعلم ويرى .. ومجتمع المعلومات هو الذي يرى الطريق ويأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب بالمعلومات وصناعة المعلومات .. لخير أبنائه خاصة الفقراء والضعفاء منهم .