جريدة الأخبار – الأربعاء 19 يناير
2011 ويكيليكس وشفافية المجتمعات
هل الشفافية من حق المجتمعات ؟ وهل المعلومات حق من حقوق الإنسان ؟ هل هو واجب علي كل حكومة أن تتيح البيانات للمواطنين ؟ وهل هو فرض علي كل وزارة أن تنشر المعلومات علي المجتمع ؟ ... ومن جهة أخري هل من حق مؤسسة ليست بغرض الربح أن تعمل علي توفير الأخبار والمعلومات الهامة والسرية للمجتمعات ؟ ... ويكيليكس هي مؤسسة أعطت لنفسها حق إتاحة وتسريب ونشر المعلومات الجديدة السرية علي الإعلام والعالم باستخدام الإنترنت وهذه المعلومات يتم اختيارها علي أساس حق الإنسان والعالم في المعرفة وركائزها الأخلاقية والسياسية ... ومنذ بداية نشر هذه المعلومات والي أمس الأول أثارت ويكيليكس العالم كله بين مؤيد ومعارض !!! ... ففي 5 أبريل عام 2010 نشرت المؤسسة فيلما عن قتل 12 شخص في بغداد بينهم أطفال وأثنين من مراسلي رويترز ... وفي 25 يوليو 2010 أتاحت المؤسسة قاعدة بيانات أرشيفيه عن حرب أفغانستان توفر كل وثائقها مرتبة بسهولة ويسر ... وفي 22 أكتوبر 2010 تم إتاحة ونشر 391832 تقرير ووثيقة عن حرب العراق من 1 يناير 2004 حتى 31 ديسمبر 2009 ماعدا شهرين في هذه الفترة ويشمل ذلك كل الأحداث التي عاشها الجيش الأمريكي والقوات العاملة في العراق ... وفي 28 نوفمبر – وكرد فعل علي الهجوم علي ويكيليكس – قررت المؤسسة إتاحة عشرين ألف ملف كل منها تمثل أرشيف موضوعي لوثائق هامة وسرية !! ... وفي نفس اليوم الأحد 28 نوفمبر 2010 نشرت ويكيليكس 251287 خطابا ووثيقة وبرقيه دبلوماسية سرية للسفارات الأمريكية وهي أكبر عدد لوثائق تم نشرها والأعلام عليها للمجتمع في العالم حتى الآن ... وأمس الأول نقلت فضائيات العالم خبر الاستعداد لنشر بيانات عن أكبر ألفين حساب سري في البنوك السويسرية علي العالم ... وتثير هذه الأحداث كل مرة زلزال أعلامي تظل توابعه وآثاره مستمرة ومتوالية ... وهي تفضح حكومات وشركات ومؤسسات وأشخاص وتنشر علي العالم – دون حدود – ما هو سري بل وما هو قبيح أيضا عن أدارة الشأن العام والعلاقات الدولية والدبلوماسيــة والصراعــات والحروب وعلاقات وتداخلات المال والسياســة وغيرها ... ولا تزال ويكيليكس تثير قضايا لم يتم حسمها عالمنا بتقدمه وتحضره أحيانا ، وأسراره وجرائمه أحيانا أخري منها أولا : هل يمكن تفسير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتحديدا حقه في التعبير عن رأيه ، بأن توفر المعلومات للإعلام والصحفيين عما يدور في العالم "السري" باستخدام الوسائل المشروعة وغير المشروعة ، وثانيا : هل يحق استخدام التكنولوجيا المتقدمة باسم الإعلام والأخلاق والشفافية أن تقوم بنشر كل ما هو سري ؟ ، وثالثا : هل يحق لمؤسسة أهليه أن تقوم بهذا العمل وأن تحصل علي تبرعات وأموال لتمويل إفشاء ما يراه البعض أسرارا أو معلومات ذات ملكية خاصة بهم ؟ ، ورابعا : هل نؤمن بأن حرية النشر تحسن الشفافية وأن الشفافية تبني مجتمعات أفضل وأن المعلومات تعني التقدم للمجتمعات ، وخامسا : هل هناك من هو فوق القانون الدولي والمبادئ والقيم الإنسانية التي اتفق عليها العالم ؟ ، وسادسا : هل يجب أن تكون شبكة الانترنت حرة تماما أو أن يكون هناك رقابة عليها ؟ ، وسابعا : هل يجب أن يكون الإعلام حرا بالفعل ؟ ، وثامنا : هل يمكن محاسبة الحكومات المستبدة وقادة العالم المستبدين في حروب وجرائم ضد الإنسانية ؟ ، وتاسعا : هل ويكيليكس كمؤسسة ترتكز وتدعــو لقيم إنسانيـة ومجتمعيه علي أخلاق ومبادئ في عملها ؟ ، وعاشرا : ما هو الحد بين ما هو أخلاقي وبين ما هو في جرائم النشر ؟ ... هذه القضايا المفتوحة لم تحسم وقد لن تحسم في المستقبل القريب ولكن ستظل حقيقة أن الانترنت قد غير العالم وأن ويكيليكس قد تغير كيف يدار هذا العالم ... وبين السرية والشفافية ... وبين الأخلاق ودعاة الفضيلة ... سيستمر صراع الإنسان ... وللحديث بقية .