جريدة الأخبار – الأربعاء 14 يناير  2009
فلسطين 60 عاما ... وجرائم الحرب (3)

هل ما يحدث فى غزة يندرج تحت طائلة الأرهاب ؟ هل هو إرهاب دولة أم إرهاب حركة ؟ أم كلاهما ؟ ... هل يمكن فى القرن الحادى والعشرين والنضج – النوعى – لمفاهيم الدولة وحقوق الانسان والقانون الدولى وحقوق الجوار وقواعد الحروب والحضارة وغيرها أن نرى ما يحدث على أرض غزة ؟ ... تطالعنا الأخبار أن الدائرة الأولى (التمهيدية) للمحكمة الجنائية الدولية قد أعدت مذكرة الأدعاء لاعتقال الرئيس السودانى بتهمة ارتكاب جرائم حرب فى اقليم دارفور ... فهل هناك من تقدم لمحاكمة قادة اسرائيل الحاليين والسابقين على جرائم الحرب التى يشاهدها ويتابعها العالم كله كما لم يسبق له – عبر التاريخ - متابعة كل المذابح والجرائم التى ارتكبتها البشرية ... هل طالبت وسائل الاعلام بمحاكمة مجرمى الحرب سواء كانوا يعملون لدولة اسمها اسرائيل أو يشغلون مواقع فى حركات تمارس الارهاب الفعلى ضد المدنيين والعزل والاطفال والنساء والشيوخ والذين يحاربون خارج ميدان القتال ... القانون الدولى واتفاقية جنيف بشأن الحرب ومعاملة المدنيين والأسرى واضح للغاية فهل هناك من يلتزم ، الى متى سيكيل العالم بمكياليين ؟ والى متى ستتابع الشعوب هذه المهازل الانسانية . لقد نجح قادة اسرائيل وقادة حماس فى خلق حالة من الفوضى فى فلسطين واقليميا وعالميا ... والمستفيد الأكبر من هذه الحرب هما اسرائيل وقادة حماس والذى يدفع ثمن ذلك هم الابرياء من ابناء غزة . لقد تحولت قضية فلسطين الى معارك واقتتال على السلطة والقيادة من قيادات لفصائل لم ترتقى الى تحقيق طموحات وآمال الشعب الفلسطينى عبر 60عاما . ورأينا مشهدا مؤسفا للقتل والاغتيال والذبح بين الفلسطينين بعضهم وبعض بل أننا تابعنا الصراعات على زعامة الشعب الفلسطينى المغلوب على أمره . منذ عدة سنوات نادت واشنطن بخلق حالة من الفوضى فى المنطقة مدعيه – بسطحيه – أن تكون هذه الفوضى بناءه أو خلاقه ... ما نراه الآن هو فوضى مدمرة بدأت بالعراق وانتهت بغزة ... تضع الشعوب والحكومات فى مخاطر وتبعات ستظل آثارها للخمسين عاما قادمة ... ما يحدث وتنقله وسائل الاعلام هو فوق طاقة البشر فى استيعابه نفسيا ومعنويا فما بال من يعيشه تحت نار القتال فى غزة ؟ ... سؤال للتاريخ : من هو المسئول ؟ وكيف نحاسبه ؟ وهل يمكن ان يعوض ذلك من استشهد وقتل واغتيل من اطفال وابناء وشيوخ وأباء أو من جرح من الابرياء ... نريد محاكمة دولية للقتله والأرهابين فى مذابح غزة ... وقد يكون ذلك هو نقطة البداية كى يتعظ ويحترس مائة مرة من هو فى موقع القيادة من الاقدام على ما نراه من أرهاب حتى ولو كان ذلك من دولة اسمها اسرائيل ؟ ... ان اسرائيل وحماس هما المستفيدين من الفوضى الاقليمية المدمرة التى نتجت عن حرب غزة ... فبالنسبة لاسرائيل يمكن لها ، اولا : ان يستمر الوضع كما كان لمدة ستين عاما اخرى . وثانيا : اجهاض أى حلم أو نزوة لعمل عربى – فردى أو مشترك – امام مظهر القوى العسكرية الاسرائيلية خاصة بعد تحييد مصر باتفاقية واختيار السلام التى تتبناه كشعب وحكومة . ثالثا : اظهار المقاومة الفلسطينية كمنظمات ارهابية ، همجية ، يتقاتلون ولا يمكن أن يكونوا طرفا يعتمد عليه . ورابعا : البقاء على قيادات ومنظمات الصانعة للفوضى وحلفائها لمكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية ... اقليمية وعالمية واهمها ابراز اسرائيل انها القوى الحقيقية التى يعتمد عليها فى تحديد وضبط عناصر الامن الاقليمى فى المحيط العربى والفارسى بل والاسلامى اذا تطلب الامر ... أما حماس فتبحث عن الشرعية والحكم ... حرب غزة تمثل صراع بين قاذفة قنابل واطفـال الحجارة ... فهل هذا يعقل ؟ ... والى كل من يعقل ويفكر ... كيف نخلق السلام القائم على العدل والاحترام بين شعوب ودول المنطقة ؟ ومتى ؟ ... لدولة تضرب العالم والأمم المتحدة ومجلس الامن والقانون الدولى عرض الحائط ... بل وتمارس الأرهاب على شعب أعزل ؟ ... وللحديث بقية