جريدة الأخبار – الأربعاء 4 يوليو
2007 نكسة العرب ... من بغداد إلي غزة (2)
ما يقرب من ستين عاما مضت وتحديدا منذ نكسة 48، ولا يزال العرب في مفاوضات بشأن القضية الفلسطينية. ولدت وقضية فلسطين تشغل عقل وقلب العائلة العربية والشعوب العربية ... ولا زلت أطالع بصفة شبه يومية المفاوضات والإعداد للمفاوضات وتعثر المفاوضات... لدرجة أن هناك من يؤمن بأن هناك احتراف لاستمرار التفاوض وأن هناك مصالح كبري لدي البعض في عدم الوصول إلي سلام في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وإشعال الاقتتال في دارفور ... فمن هم أصحاب المصلحة في هذا العنف وهذا التطرف ؟ من هم أصحاب المصلحة في إشاعة روح عدم الآمان والطمأنينة ؟ من هم أصحاب المصالح في المزيد من القتل اليومي علي المشهد العربي ؟ لدرجة أصبحنا فيها من أكبر معدلات دول العالم في سفك الدماء في العراق ثم السودان ثم فلسطين ثم لبنان. من الذي يستخدم السلاح وضد من ؟ من الذي يدرب علي هذا السلاح ؟ من الذي يشتريه ؟ من الذي يورده ومن الذي ينقله ؟ ... حال العرب اليوم هو نتاج لانهيار الأخلاق، والقيم، والتعليم، والثقافة، والاقتصاد، والمجتمع، والبيئة، والموارد، والديمقراطية، والحكم الرشيد. الثورات العربية المجيدة في فلسطين والعراق وغيرها أفرزت الفساد والتسلط والديكتاتورية وحكم الفرد والبلطجة والسرقة ... لقد غيب أبناء الوطن العربي في أوطانهم وكنا نظن أنهم ولدوا أحرارا، لقد سرقت العديد من الشعوب وأولها العراق وفلسطين ونشرت ثقافة وفلسفة العنف والحرب حتي بين الأهل والأشقاء ... فهل من يقتل أهل عشيرته يؤتمن في باقي الدول العربية ؟ السياسة تضطر الحكام وفي إطار الأعراف الدولية الجلوس مع القيادات المعينة والمنتخبة شعبيا وعدد لا بأس به من قيادات العراق وفلسطين – السابقة والحالية - يمكن أن يحاكم بارتكابه جرائم جسيمة ضد الإنسانية ... كل يوم يمر، هناك طفل وطفلة يفقدون الأب والأم علي الأرض العربية ... فأي مستقبل ينتظر هؤلاء ... لقد غيب ضمير الإنسانية وأجهضت العروبة وأصبحت لغة الضاد لغة دون مضمون ... لقد دمر هتلر جزء من العالم في عشر سنوات فما بال هؤلاء وفصائلهم الذين يدمرون عالمنا العربي لأكثر من ستين عاما ... البعض يقول قدر مصر الآمان والحكمة والسلام أن تصبر علي هؤلاء وتتعامل معهم ... والبعض الأخر يقول أن أمنها القومي هو من المحيط إلي الخليج ومن منابع النيل إلي البحر المتوسط ... سيسجل التاريخ حكمة مصر في ترسيخ السلام فكرا وثقافة وممارسة وحاضر ومستقبل ... هناك من يحاول إشغال مصر بقضايا اقتتال الأشقاء علي الأرض العربية ويتناسون أن مصر قد تعلمت من نكسة 67 أن الحياة لأبنائها هي بالسلام، والآمان، وبالتقدم، والنماء ... نشاهد من ينتقص من حق مصر - في مدرسة جلد الذات - فيصور مصر يوميا علي شاشات التليفزيون (الصفراء) وعلي صفحات الجرائد "الصفراء" بصورة سلبية فقط وبأننا جزء من الانهيار العربي ... أري أنا عكس ذلك .. أري مصر أساس للأمل العربي، أري مصر بالـ75 مليون – ركيزتها وحياتها – أساسا لمستقبل أكثر نماءا وأعمق إصلاحا ... لدينا قائمة بما يجب عمله مقارنة بما يجري علي أرض الواقع ... نضالنا من أجل الإصلاح والتقدم لم ولن يكن وسيلته القتل والدمار. علينا أن نعي ونتقي شر ما يسمي بالأصدقاء. فمنهم تأتي المصائب ... رسالتي هي الحذر المطلق من شركاء الأمس في حل القضية الفلسطينية وشركاء اليوم من المنتفعين بساحة القتل في العراق ... وكلاهما لا آمان له ... هناك العديد ممن يشاركني الفكر في كيفية إعادة السلام والآمان لكل بيت عربي ... بالإنسانية والمعرفة وثقافة السلام ونبذ العنف وبالحوار واحترام الآخر وبسوق حر وعدالة وتكافؤ فرص تخلق فرص عمل لتستمر مسيرة الحياة لأبناء لهم الحق في الحياة ... وللحديث بقية