جريدة الأخبار – الأربعاء 2 ديسمبر  2009
العرب والرياضة 000 بين النكسة والوعي (2)

ما حدث في الخرطوم هو نكسة تضاف الي سجل النكسات العربية في تاريخنا المعاصر ... فمنذ انتهاء الاحتلال يعيش المجتمع العربي مسلسل متواصل من النكسات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية ولعل اكبرها حرب 48 وما نتجت عنه من تقسيم فلسطين، وحرب 67، ومسلسل ما سمي بالمقاومة الفلسطينية وما نتج عنه من ضياع للحق والارض والـفرص ... وتلي ذلك نكسة غزو العراق للكويت، ثم نكسة تدمير العراق بما سمي "حرب تحرير العراق"، ... وكلها تمثل مسلسل متتالي من الصراعات العسكرية والسياسية تتفجر في غياب الوعي والديمقراطية ... نكسات العرب عديدة وفي مجالات كثيرة آخرها الرياضة ... ما حدث في الشارع المصري هو ثورة لشعب صدم من الغوغائية التي فرضت نفسها علي الرياضة، وحولت ما كان من المفروض ان يكون تنافسا رياضيا الي ما يشبه حرب اهلية بالسلاح الابيض من طرف واحد ... هذه الثورة شارك فيها الحاكم والمحكوم ... الكل ثائر لمساسها بمصر اسما وعلما ورمزا وشعبا ... الكل ثائر للغدر المخطط والذي لم يكن ليحدث لولا ان هناك تشجيع من بعض القادة بمدرسة العنف الجزائري ... فهل يعقل ان يقتل 18 جزائريا بسبب الاحتفالات بانتصار الفريق في مباراة ... والسؤال الذي يطرح نفسه عل تفرض الفوضي والغوغائية نفسها علي الواقع العربي ؟ وعلي المشهد العربي؟ ... وبدقة اكثر من الذي يقود؟ ومن الذي يوجه؟ ومن الذي يسير؟ ومن الذي يدير؟ ... اسئلة حائرة للمجتمع العربي وقطاعاته المختلفة ... في الرياضة؟ وفي السياسة؟ وفي الاعلام؟ وفي الشارع وفي الحارة ؟ وفي القيادة ؟ ... من الذي يقود علي الارض الملتهبة في ارض فلسطين والعراق ولبنان والسودان والجزائر وغيرهم ... من صاحب الصوت الاعلي؟ هل هي الحكمة؟ ام هو العنف ومن صاحب التأثير الاكبر؟ هل هو العقل؟ ام هو الصوت الاعلي؟ ... من يسير الشارع العربي هل هو الوعي؟ ام هو الارهاب؟ ... هلي هو الحق؟ ام هو النهب؟ ... هل هو العدل؟ ام هي الجريمة ؟ نكسة العرب ... هي في ضياع الوعي وتهميش العقل، والذي نتج من تجاوز نسبة امية اكثر من ثلاثون بالمائة في معظم الدول العربية المؤثرة، وترتيب هو الادني في العالم في جودة التعليم، وثقافة انحدرت، وكتاب وأدب في غربة، وغياب للديمقراطية، وفقر مدقع وصل الي اربعين بالمائة ومجتمع ينتشر فيه ارهاب القلة ويشمل ارهاب العقل وارهاب الديــن -بعد تحريفه- حتي وصل الي الارهاب في الرياضة0 صدمة الخرطوم ايقظت المجتمع المصري بالكامل وحولت كل مصري الي ثائر ... حولت تعبير جموع المصريين الي ثورة لشعب ... ثورة حقيقية ... انفجرت من بركان الغضب ومتأثرة بتراكمات الضغوط والانهيارات الاخلاقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية العربية ... ايجابيات ما حدث هو في صحوة الادراك الشعبي لاهمية الوعي الفردي والوطني والعربي ... عودة العزة ... وعودة العزم ... اذا استمر الجهل والفقر في الانتشار سيكون مصيرنا ومصير العرب هو ما نراه من نكسات ... واذا ارتقي العلم والبحث العلمي والادب والفكر والقلم والشعر والغناء والمسرح والرياضة والرسم والمعمار والتخطيط والادارة والهندسة والصحة والبيئة والزراعة والرياضة الخ ... اذا ارتقت المعرفة وتلاشي الجهل والامية سيعود الوعي وثقافة السلام والعمل والتقدم والتنمية ... وما بين الخرطوم وهذا الامل ... فكر وعلم وعمل جاد وشاق ... واجب علينا بكل تعقل ... للاجيال القادمة ... ولرياضة افضل ... وللحديث بقية Alakhbar@hisham-elsherif.com