جريدة الأخبار – الأربعاء 26 نوفمبر  2008
مصر وإعصار الرأسمالية (4)

مصر جزء من العالم 0 ما تشير اليه توابع إعصار الانهيار المالى والأقتصادى الذى اجتاح العالم المتقدم أن رياحه تؤثر – وستؤثر - على مصر . نعم بنوك مصر بخير وودائعنا آمنه ولكن الآثار الأقتصادية لما يحدث فى العالم فى المستوى القريب والمتوسط ستكون بالحجـم والعمق الذى لم يقم العديد بحسابه . لم أسمع - للآن - اعداد خطة قومية عاجلة لمواجهة تداعيات الآثار العالمية والتى طالبت بها عدة مرات للآن . مطلوب ان نعبئ الخبراء الاقتصاديين والمتخصصين الوطنيين لبناء نظام لدعم القرار يتيح معلومات وسيناريوهات لدعم القرار ويستند على بيانات دقيقة معظمها متوفر عما يحدث فى العالم ومصر ، ويخرج للمجتمع وللحكومة مخرجات محددة تساهم فى صياغة قرارات ورؤى وسياسات واستراتيجيات ... وبدون ذلك نحن فى مهب الريح ونكون مثل الاطباء يصيبنا المرض دون أن نقوم بالتطعيم له أو اخذ الدواء المناسب . ما حدث فى العالم المتقدم يشير الى ما يلى ، اولا : انخفاض سعر برميل البترول من 127 دولار الى 51 دولار تقريبا (أقل من النصف فى الفترة من اوائل يونيو حتى اليوم) ، ثانيا : انخفاض فى مؤشرات المعبرة عن أصول الشركات الكبرى (S&P) من 1385 الى 803 تقريبا (فى نفس الفترة) ، ثالثا : انخفاض فى العائد على أسهم بضمان الخزانة الامريكية (لعامين) الى أقل من النصف من 49ر2% الى ما يقرب من 1% ، رابعا : زيادة عدد العاطلين فى الولايات المتحدة والطالبين لاعانات الى الضعف فى ستة أشهر ، خامسا : انخفاض أسعار المواد الخام ، سادسا : قوة للدولار مقارنة بالعملات الاخرى وغيرها ... من يسافر الى الولايات المتحدة وانجلترا يرى بوضوح شديد مظاهر الركود التى دخل فيها نماذج لاقتصاديات كانت تملأ العالم ضجيجا بتميزها وادائها وجودتها ونقائها ... وعلى الصعيد الآخر يتوالى مسلسل احتمال إنهيار المؤسسات المالية الكبرى والتحديات لمؤسسات كبرى فى صناعة السيارات والتشييد والتأمين وغيرها ... كل ذلك أثر ويؤثر على المستهلك سواء كان فى عمله وطعامه وشرابه أم فى سكنه وانتقاله أم فى اقساط تعهد بها لحلم شراء سيارة أم منزل لا يستطيع الوفاء به أو الحصول عليه بنفس سهولة ويسر ما سبق ... مما نتج عن تحول حاد فى الاستهلاك واولوياته وحجمه فى أكبر الاسواق العالمية استهلاكا وتفاعلا سواء كانت الولايات المتحدة أم اوروبا أم اليابان والصين بل والهند وغيرها ...

احداث هذا العالم الذى نتعامل معه يثير العديد من التساؤلات منها (1) هل سيكون حجم وارداته من مصر هى بنفس معدل ما كانت عليه من قبل ؟ (2) هل سيحدث انخفاض فى الصادرات المصرية ؟ وما حجمها ؟ وفى أى منتجات وسلع ؟ (3) ما هو تأثير انخفاض سعر البترول على ميزان المدفوعات المصرى (ايجابا وسلبا) ؟ وعلى المصنع فى مصر ؟ وعلى المواطن المصرى ؟ (4) ما هو تأثير الانهيار المالى والاقتصادى على خطة توفير وتأمين الطاقة لمصر (بأنواعها المختلفة) ؟ (5) ما هو تأثير ما حدث فى العالم على الصادرات والواردات العالمية وتحديدا على ما ينقل منها عبر البحار وعبر قناة السويس ؟ هل ستصدر الصين واوروبا بنفــس الحجم ؟ وما تأثير ذلك على سعر وحركة النقل البحرى فى العالـــم ؟ (6) ما هى توقعات سيناريوهات الدخل من قناة السويس للاعوام القادمة ؟ (7) ما هو تأثير ما يحدث فى اسواق الدول الخليجية على حركة النماء فيها وعلى العمالة والخبرة المصرية فيها ؟ وتأثير ذلك على تحويلات المصريين بالخارج ؟ (8) ما هو تأثير ما حدث ويحدث فى اسواق العالم على توفر السيولة فى البنوك والمؤسسات العالمية والقدرة على جذبها للاسواق المصرية وتأثيرها (وتجنب تأثيرها على الاسواق المحليه) ؟ (9) ما هو حجم ما خسره العرب فى هذا الانهيار وما هى قدرة مصر على توفير المناخ والسوق الآمن والمستقر لما تبقى ومتاح من رأس المال العربى ؟ (10) هل يمكن تعظيم الجهود التى بدأت لجذب موارد واستثمارات فاعلة للبناء النوعى للاقتصاد المصرى فى فترة يتخبط فيها العالم من حولنا ... ؟

لكل أزمة فرصة ... فهل يمكن ان نستغل ما يحدث فى العالم لتحديث برامج وخطط العمل الوطنية ولوضع مشروع قومى يستغل ركود العالم فى الأسراع ببناء وطن واحداث نقلة نوعية لعقل وفكر وثقافة الانسان فى هذا الوطن ... مطلوب خطة قومية تناسب الحدث أولها بناء نظام لدعم القرار الوطنى ... وللحديث بقية