جريدة الأخبار – الأربعاء 22 يونيو  2005
صناعة عربية وشراكة عالمية (4)

التنمية معلومات والمعلومات تنمية . وتنمية الصناعة معلومات والمعلومات اساس التنمية الصناعية . السؤال المطروح هو أين المعلومات عن واقع الصناعة العربية والى اين تتجه الصناعة العربية . واذا كنا على قناعة بأن التنمية هى زراعة وصناعة وسياحة وغيرها من خلال قطاع خاص يعمل فى مناخ دافع للتقدم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا فإن الصناعة الحديثة هى قاطرة التنمية فى أى مجتمع . ولا صناعة دون تجارة ولا صناعة دون عمالة ماهرة وتمويل ومعدات وتجهيزات … طرحت فى مقالات ثلاثة اهمية تحقيق نقلة نوعية عددا ونوعا فى الصناعات التحويلية وهى الصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والصناعات الغذائية وصناعات الملابس والمنسوجات وصناعات التشييد والبناء وغيرها وقد وصل اجمالى الناتج من الصناعات التحويلية الى 6.78 مليار دولار ومطلوب مضاعفته ثلاثة اضعاف حتى عام 2017 حين يصل عدد سكان العالم العربى الى 400 مليون نسمة بزيادة مائة مليون نسمة وزيادة مطلوبة فى فرص عمل جديدة الى اكثر من 50 مليون فرصة عمل . كيف سيتحقق هذا ؟ واين سيكون موقع المنتج العربى والعامل والمهندس العربى من نظيره فى العالم ؟ هل يمكن ان نكون مثل الصين الآن قوة صناعية وتجارية اقليمية المقومات عالمية الاسواق ؟ أم هذا وهم وحلم يضيع فى كلمات لا تقرأ واهداف لاتفعل .

لدينا تحد واحد هو التقدم والنماء ، اولا : لانها طبيعة الحياة ان نتمنى لابنائنا ما هو افضل ما نتمناه لانفسنا ، وثانيا : لمواجهه الزيادة الكبيرة فى السكان فيضاف لنا ما يقرب من ثلث سكان العالم العربى يحتاجون مأكلا ومياها ومسكنا وعملا واملا بتقدم ورفاهية . لقد تحقق الكثير فى اوطاننا فى الخمسين عاما الماضية رغم الحروب ورغم الخلافات ، ورغم السياسات المركزية الاشتراكية ، ورغم الاعتماد الرئيسى – فى بعض الدول – على النفط . ورغم الاسراف , ورغم الفساد … معدلات التقدم عربيا هى افضل مما عليه منذ خمسين عاما … نحن اكثر ادراكا واكثر نماء واكثر خبرة واكثر تجريبا واكثر انفتاحا واكثر وعيا واصلب عودا نحتاج الان – وفورا – معلومات عن واقع الاسواق للمنتجات والخدمات فى كل دولة عربية وما يتم استيراده بل وما يتم تصديره … ونحتاج ايضا معلومات عن الطاقات الصناعية المتاحه وما ينتج منها وما يتطلب تطويرا وغير المستغل منها وما تحتاجه قطاعات الاعمال الصناعية العربية فى معظمها معلومات عن الواقع انتاجا وخامات ومصانع وتوريدات ، واستثمارا وتمويلا ، وبشرا ومعايير ، وتكلفة وهامش ربح ، ونقلا وتسويقا ، وقوانين وقرارات ، وتنظيمات ومؤسسات ، وعدلا وتقاضى، وحوافز وتنافسا ، وبحثا وتطويرا وعلماء وصناعا . تحتاج الصناعة العربية ايضا نظم معلومات لمراحل الصناعة من مدخلات الانتاج الى التشغيل الى البيع والتسويق والتحصيل بل تحتاج فى عصر المعرفة الى تصميم وبناء نظم معلومات شبكية تربط المورد والتوريدات " وكل متطلبات الانتاج " بالتشغيل وبالتسويق والبيع وربط كل ذلك المنتج فى محل وفى بلد …

التنافسية تعنى انه حين يباع قميص رجالى بمقاس 17 لونه ابيض فى محل بنيويورك ان يتم لحظيا معرفة ذلك عدديا ونوعا لاحتياجات الانتاج اليوميه والاسبوعية والشهرية من مصنع فى الصين أو ماليزيا أو العاشر من رمضان أو دبى أو ينبع أو تونس أو المغرب … عصر المعلومات اتاح هذا فكم مصنعا عربيا يرتبط حاليا بشبكات المعلومات وبمنافذ البيع والتوزيع عبر العالم ؟… الفرق بين ما نحن فيه وما يجب ان يكون هو فكر وعمل مطلوب .

وباختصار مطلوب طفره فى المصانع التحويليه انتاجا ، وطفرة فى نظم المعلومات العصرية تطبيقا … وعلينا أن نسرع الخطى قبل ضياع الاسواق … لمنتج مصمم وصنع فى ارض دولة عربية بعقل عربى وفكر وساعد عربى … وللحديث بقية